بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 31 ديسمبر 2011

فأره أحبت جملاً

قال ابن الجوزي:رأت فأرة جملا فأعجبها...فجرت خطامه فتبعها..فلما وصل إلى باب بيتها..وقف ..ونادى بلسان الحال :إما أن تتخذي دارا يليق بمحبوبك .. أو محبوبا يليق بدارك .


خذ من هذه إشارة:إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك ..أو تتخذ معبودا يليق بصلاتك ..!!


[
المدهش456, و1/650ط:دار القلم]



وقال:
"
أيها المصلي طهر سرك قبل الطهور, وفتش على قلبك الضائع قبل الشروع.حضور القلب أول منزل , فإذا نزلته انتقلت إلى بادية المعنى, فإذا انتقلت عنها أنخت بباب المناجى .وأول قرى ضيف اليقظة كشف الحجاب لعين القلب , وكيف يطمع في دخول مكة منقطع قبل الكوفة .همك في الصلاة متشبث , وقلبك بمساكنة الهوى متلوث , ومن كان متلطخا بالأقذار لا يغلف , أدخل دار الخلوة لمن تناجي, واحضر قلبك لفهم ما تتلو , ففي خلوات التلاوة تزف أبكار المعاني.إذا كانت مشاهدة مخلوق يوم ( أخرج عليهن ) استغرقت إحساس الناظرات ( وقطعن أيديهن ) فكيف بالباب علقت فعقلت على الباب ؟.

لها بوجهك نور تستضئ به ... ومن نوالك في أعقابها حاد لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد

لو أحببت المخدوم لحضر قلبك في الخدمة.ويحك ! هذا الحديد يعشق المغناطيس , فكيف ما التفت التفت , إن كنت ما رأيت هذا الحجر فانظر إلى الحرابى تواجه الشمس فكيف مالت قابلتها.
(
للشريف الرضي): وإني إذا اصطكت رقاب مطيكم ... وثور حاد بالرفاق عجول أخالف بين الراحتين على الحشى ... وانظر أنى ملتم فأميل

قيل لعامر بن عبد قيس: أما تسهو في صلاتك ؟.قال: أو حديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به؟!

هيهات ! مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس .

كان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته , ولقد انهدمت ناحية من المسجد فزع لها أهل السوق , فما التفت , وكان إذا دخل منزله سكت أهل بيته , فإذا قام يصلي تكلموا ,وضحكوا , علما منهم أن قلبه مشغول .وكان يقول في مناجاته : إلهي متى ألقاك وأنت عني راضي.

إذا اشتغل اللاهون عنك بشغلهم ... جعلت اشتغالي فيك يا منتهى شغلي فمن لي بأن ألقاك في ساعة الرضا ... ومن لي بأن ألقاء والكل لي من لي

كان الفضيل يقول : أفرح بالليل لمناجاة ربي , وأكره النهار للقاء الخلق .

الموت ولا فراق من أهواه ... هذي كبدي تذوب من ذكراه واشوقي متى ترى ألقاه ... ما مقصودي من المنى إلا هو




هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه ... أم القلب يلقى روحة من وجيبه وهل لليالي عطفة بعد نفرة ... تعود فتلهى ناظر عن غروبه أحن إلى نور الربى في بطاحه ... واظمأ إلى ريا اللوى في هبوبه وذاك الحمى يغدو عليلا نسيمه ... ويمسي صحيحا ماؤه في قليبه
هو الشوق مدلول على مقتل الفتى ... إذا لم يعد قلبا بلقيا حبيبه


[وقيل لبعضهم : إنا لنوسوس في صلاتنا ..


قال : بأي شيء ؟ بالجنة أو الحور العين والقيامة ؟


قالوا : لا, بل بالدنيا..



فقال : لأن تختلف في الأسنة أحب إلي من ذلك .


تقف في صلاتك بجسدك وقد وجهت وجهك إلى القبلة.. ووجهت قلبك إلى قطر آخر..!!


ويحك.. ما تصلح هذه الصلاة مهرا للجنة , فكيف تصلح ثمنا للمحبة .]



[المدهش ص454 , و1/648ط:دار القلم, ومابين المعقوفتين من :بدائع الفوائد لابن القيم وقد نقل جيع ماسبق عن ابن الجوزي3/1217ط: دار عالم الفوائد]

الجمعة، 30 ديسمبر 2011

كيف تفحم أشعرياً

قال الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله في رسالته ( إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة سؤال وجواب ) :
أقول وبالله التوفيق : اعلم أن من أراد أن يفحم الأشاعرة في زيف ما ذهبوا إليه فعليه أولاً أن يسألهم عن البرهان الذي بسببه أثبتوا هذه السبع ونفوا الباقي ، فيقول : أعطوني دليلاً صحيحًا وفرقانًا صريحًا جعلكم تثبتون هذه الصفات السبع وتنفون الباقي ، فإذا قلت لهم ذلك فاعلم أنهم سيجيبون بجوابين لا ثالث لهما :
الجواب الأول لهم :سيقولون : إن الصفات التي أثبتناها لا يستلزم ثبوتها له مماثلته بخلقه والصفات التي نفيناها تستلزم مماثلته بخلقه ، فإذا قالوا ذلك فقل لهم : لقد تقرر عند أهل السنة أن باب الصفات باب واحد ، والقول في بعضها كالقول في البعض الآخر ، فما تقولونه في صفةٍ فإنه يلزمكم أن تقولوه في سائر الصفات . فإذا قلتم : إن الصفات التي أثبتناها لا تستلزم مماثلة الله بخلقه ، فهذا القول يلزمكم قوله في سائر الصفات التي نفيتموها فإثباتها أيضًا لا يستلزم مماثلة الله بخلقه . وإذا قلتم : إن الصفات التي نفيناها لم ننفها إلا لأن إثباتها يستلزم مماثلة الله بخلقه ، فهذا القول يلزمكم قوله في هذه الصفات السبع التي أثبتموها ، فإثباتها أيضًا يستلزم مماثلة الله بخلقه ؛ لأن القول في الصفات قول واحد لا يختلف ، فإنكم تنفون الرحمة والوجه والغضب والرضا واليد ، وغيرها بحجة أن المخلوقات تتصف بهذه الصفات ، فلو أثبتناها لله لاستلزم ذلك مماثلته بخلقه ، فنقول : وأنتم تثبتون له العلم والسمع والبصر والكلام والقدرة والحياة والإرادة ، وهي موجودة في المخلوقات أيضًا ، فالمحذور الذي من أجله نفيتم سائر الصفات لازم لكم فيما أثبتموه من هذه الصفات السبع . فإن قالوا : نحن نثبت هذه السبع على الوجه اللائق به جل وعلا الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه ، فنقول لهم : قولوا هذا القول فيما نفيتموه من الصفات وأثبتوها على الوجه اللائق بالله تعالى الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه . فإن قالوا : الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فلا يليق وصف الله تعالى به ، فنقول لهم : والإرادة التي تثبتونها هي ميل النفس لجلب منفعة أو دفع مضرة ، وهذا لا يليق بالله جل وعلا . فإن قالوا : هذا تفسير لإرادة المخلوق ، فنقول : وتفسيرك للغضب أيضًا إنما هو تفسير لغضب المخلوق ، فما كان جوابه دفاعًا عن هذه الصفات السبع التي يثبتها فهو بعينه جوابنا عليه فيما نفاه من الصفات ؛ لأن المتقرر في الشرع أن القول في بعض الصفات كالقول في بعض .ويقال أيضًا : إن أخاك المعتزلي ينكر عليك إثباتك لهذه الصفات السبع ؛ لأنه ينفي الصفات كلها ، وهو - أي المعتزلي - يورد على إثباتك لهذه السبع بعض الشبه والإيرادات والإلزامات وأنت لابد أن تجب عن ذلك دفاعًا عن مذهبك في إثبات هذه السبع ، فيأتي أهل السنة ويقولون لك : أيها الأشعري إن ما تجيب به أخاك المعتزلي دفاعًا عن إثباتك لهذه الصفات السبع هو بعينه جوابنا عليك فيما تورده من الشبه في نفيك لباقي الصفات ، وبالجملة فالأشاعرة من أعظم الفرق تناقضًا في باب الصفات ؛ لأنهم يفرقون بين المتماثلات ويجمعون بين المختلفات .
ويقال له أيضًا : أيها الأشعري : هل أنت تقول إن ذات الله كسائر الذوات؟ فسيقول: لا ، بل له ذات تخصه ليست كالذوات ، فإذا قال ذلك فقل له : فإذا كنت تثبت أن لله ذاتٍ ليست كالذوات فعليك لزامًا أن تقول إن صفاته ليست كالصفات ؛ لأن اختلاف الذوات موجب لاختلاف الصفات ، وقد تقرر عند العقلاء من بني آدم أن القول في الصفات فرع عن القول في الذات ، فإذا كنت تعتقد أن ذات الله تعالى لا تماثل الذوات فاعتقد أن صفات هذه الذات لا تماثل الصفات وإلا وقعت في التناقض والاضطراب الذي لا مخرج له منه .

الخميس، 29 ديسمبر 2011

ابن الجوزي يحذر من الجواسيس

   ينبغي لمن صحب سلطاناً أو محتشماً أن يكون ظاهره معه و باطنه سواه ، فإنه قد يدس إليه من يخبره ، فربما افتضح في الابتلاء .
   
و قد كان جماعة من الملوك يقصدون تقريب المنادم ، و يجعلون له حجرة في دورهم ، فإذا أرادوا أن يختصوه اختبروه باطناً و ذاك لا يدري ، فيظهر منه ما لا يصلح فيطرد .
   
و لقد امتحن أبرويز رجلاً من خاصته ، فدس إليه جارية معها ألطاف ، و أمرها ألا تقعد عنده فحملها .
   
ثم أنفذها مرة أخرى و أمرها أن تقعد بعد التسليم هنيهة ففعلت ، فلاحظها
   
الرجل .
   
ثم بعثها مرة ثالثة و أمرها أن تطيل القعود عنده و تحدثه ، فأطالت الحديث معه ، فأبدى لها شيئاً من الميل إليها ، فقالت ، أخاف أن يطلع علينا ، و لكن دعني أدبر في هذا .
   
فذهبت فأخبرت الملك بذلك ، فوجه غيرها من خواص جواريه بمثل ذلك ، فلما جاءته قال : ما فعلت فلانة ؟ قالت : مريضة ، فاربد لونه .
   
ثم فعلت الجارية الثانية مثل ما فعلت الأولى ، فقالت له : إن الملك يمضي إلى بستانه فيقيم هناك .
   
فإن أرادك على أن تمضي معه فأظهر أنك عليل.
   
فإن خيرك بين الانصراف إلى دور نسائك ، أو المقام هنا ، فاختر المقام ههنا ، و أخبر أنك لا تقدر على الحركة .
   
فإن أجابك إلى ذلك جئت كل ليلة ما دام الملك غائباً ، فسكن إلى قولها ، ثم مضت و أخبرت الملك بذلك .
   
فلما كان بعد ثلاث ، إستدعاه الملك فقال : إني مريض . فعاد لرسول فأخبره فتبسم ، و قال : هذا أول الشر .
   
فوجه إليه محفة فيها إليه ، فلما بصر به أبرويز قال : و المحفة الشر الثاني .
   
فرأى العصابة على رأسه . قال : و العصابة الشر الثالث .
   
فقال له الملك : أيهما أحب إليك ، الانصراف إلى نسائك ليمرضنك أو المقام ههنا إلى وقت رجوعي ؟ قال : المقام ههنا أرفق لي لقلة الحركة ، فتبسم و قال : حركتك ههنا إن تركت أكثر من حركتك إلى منزلك .
   
ثم أمره له بعصا الزناة التي كان يوسم بها من زنا .
   
فأيقن الرجل بالأمر ، و أمر أن يكتب ما كان من أمره حرفاً حرفاً فيقرأ على الناس حرفاً حرفاً إذا حضروا ، و أن ينفي إلى أقصى المملكة ، و تجعل العصا على رأس رمح يكون معه حيث كان ، ليحذر منه من لا يعرفه .
   
فلما نفي أخذ من بعض الموكلين مدية فجب بها ذكره و قال : و مات من ساعته .
   
قلت : و قد كان جماعة من الأمراء يتنكرون يسألون العوام عن سيرتهم ، فيتكلم العامي بما لا يصح فيضبطونه و ربما بعثوا دسيساً عليه .
   
و رب كلمات قالها مسترسل فبلغها فضولي فأهلكت صاحبها .
   
و رأى عمر بن عبد العزيز رجلاً من العمال كثير الصلاة ، فدس عليه من قال له : إن أخذت لك الولاية الفلانية فما تعطيني . قال : أعطيك كذا و كذا ، قال له عمر : غررتنا بصلاتك .
   
و قد بلغت أن رجلاً كلم امرأة فأجابته فإستدعيته إلى دارها فلما دخل أقامت على قتله .
   
فقد ينجلي من هذه الحكاية أنه لا ينبغي أن يسكن إلى قول امرأة أو رجل يجوز أنه يكون جاسوساً و مختبراً .
   
و كذلك لا يظهر ما ينبغي إخفاؤه من مال أو مذهب ، أو سب رجل ، فربما كان له في الحاضرين قريب .
   
و لا يوثق بمودة لا أصل لها ، فربما كانت تحتها آفة تقصده .
   
و ليحذر من كل أمر يحتمل . و رب كلمة نقلها صديق إلى صديق فتحدث بها من لا يقصد أذى للقائل فبلغت فتأذى .
   
و رب مظهر للمحبة مبالغ حتى يستمكن من مراده .
   
فالحذر الحذر من الطمأنينة إلى أحد ، خصوصاً من عدو آذيته أو قتلت له قريباً .
   
فربما أظهر الجميل شبكة لإصطيادك كحديث الزباء .