بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

أصول التحقيق الجنائي اليوم كانت كذلك في صدر الإسلام

وقال أصبغ بن نباتة: إن شاباً شكا إلى علي رضي الله عنه نفراً فقال: إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترك شيئاً، وكان معه مال كثير؛ وترافعنا إلى شريح فاستحلفهم وخلَّى سبيلهم، فدعا علي رضي الله عنه بالشرط (الشرطة) فوكل بكل رجل رجلين، وأوصاهم ألا يمكّنوا بعضهم أن يدنوا من بعض ولا يمكنوا أحداً يكلمهم، ودعا كاتبه ودعا أحدهم، فقال: أخبرني عن أب هذا الفتى، أي يوم خرج معكم؟ وفي أي منزل نزلتم؟ وكيف كان سيركم؟ وبأي علة مات؟ وكيف أصيب بماله؟ وسأله عمن غسله ودفنه، ومن تولى الصلاة عليه وأين دُفن؟ ونحو ذلك، والكاتب يكتب، فكبّر علي وكبّر الحاضرون، والمتهمون لا علم لهم إلا أنهم ظنوا أن صاحبهم قد أقرّ عليهم، ثم دعا آخر بعد أن غيَّب الأول عن مجلسه، فسأل كما سأل صاحبه، ثم الآخر كذلك، حتى عرف ما عند الجميع، فوجد كل واحد منهم يخبر بضد ما أخبر به صاحبه، ثم أمر برد الأول، فقال له: يا عدو الله قد عرفت عنادك وكذبك بما سمعت من أصحابك، وما ينجيك من العقوبة إلا الصدق، ثم أمر به إلى السجن، وكبَّر علي وكبر معه الحاضرون، فلما أبصر القوم (المتهمون) الحال لم يشكوا أن صاحبهم قد أقرّ عليهم، فدعا آخر منهم فهدّده، فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد كنت كارهاً لما صنعوا، ثم دعا الجميع فأقروا بالقصة، واستدعي الذي بالسجن وقيل له: قد أقرّ أصحابك ولا ينجيك سوى الصدق، فأقرّ بكل ما أقرّ به القوم؛ فأغرمهم المال وأقاد منهم بالقتيل (حكم عليهم بالقصاص).

ليست هناك تعليقات: