بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يوليو 2011

صاحبي والنادي الليلي

يا ضيعة العمر إن نجا السامع وهلك المسموع،ويا خيبة المسعى إن وصل التابع وهلك المتبوع




عرفته طالب علم متميز وجلست اليه في دروس كثيره وجمعت بيننا صداقه قل مثيلها كان من أسره معروفه بعلمها وبفضل علمائها عرفته شاباً ذا فضل غبطته على علمه وأحببته في ذات الله


سافرت خارج المملكه لإكمال دراستي الجامعيه فأتصل بي ذات ليله وقال جئتك زائرا فقلت له حي وهلا طلبت منه النزول عندي فرفض ألحيت عليه فأبى وبعد أيام ذهبت اليه في الفندق طالبا منه النزول عند رغبتي باستضافته واكرامه فقبل على مضض


نزلنا سوياً متوجهين الى ردهة الفندق ليغلق صديقي حسابه لديهم ويرحل وأخرج مالاً بجيبه وأوراقاً أخرى لكن مهلا ً رأيت بين طياتها ما لم أكن أتوقع وجوده في جيب صديقي " انها تذكرة دخول النادي الليلي بالفندق " تظاهرت أنني لم أرى شيئاً وذهبنا لكن وحدها خيبة أملي بصاحبي لم تذهب بل بقيت تراوح مكانها في قلبي رغم مرور كل تلك السنين ..


الأحد، 17 يوليو 2011

زفرة العربي المسلم على جنوب السودان


لقد أحجم ابن الأثير عن الكتابة عن محنة  التتار لهول الفاجعة، فبقي عدة سنين معرضا عن ذكرها استعظاما لها، وهو القائل: لقد بقيت عدة سنين معرضًا عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًّا، إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعًا فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التي عقت الأيام والليالي عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله -سبحانه وتعالى- آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها...". ثم مضى -رحمه الله تعالى- يسرد أفعال التتر بالمسلمين ومبدأ خروجهم إلى وقته.

هذا؛ وابن الأثير وهو يكتب ذلك بدمعه وألمه لم يدرك سقوط بغداد في أيدي التتر؛ لأنه مات قبل ذلك بست وعشرين سنة، فماذا كان سيكتب لو أدرك ذلك؟! وماذا كان سيقول لو أدرك انتهاء الإسلام في الأندلس بسقوط غرناطة؟! وماذا سيسطر في تاريخه لو أدرك ممالك الإسلام وهي تنتقص من أهلها وتجزأ وتفتت، فرحم الله ابن الأثير، ورحم الله تعالى كل قلب حي يتألم للإسلام وما أصابه  ولما ذاعت أخبار تسليم غرناطة وشروطها المذلة المهينة سخط المسلمون على أبو عبدالله الصغير، فاستعد للرحيل، وفي نفس اليوم الذي دخل فيه النصارى غرناطة، غادر أبو عبد الله قصره وموطن عزه ومجد آبائه، وتقدم نحو فرديناند ومد إليه مفاتيح الحمراء قائلا له: 'إن هذه المفاتيح هي الأثر الأخير لدولة العرب في إسبانيا، وقد أصبحت أيها الملك سيد تراثنا وديارنا وأشخاصنا، هكذا قضى الله، فكن في ظفرك رحيمًا عادلاً'، وتقدم صحبة فرديناند نحو الملكة إيزابيلا لتحيتها، وغادر المكان وعندما أشرف في مسيره على منظر غرناطة انهمر دمعه وأجهش بالبكاء، فصاحت به أمه عائشة: 'أجل، فلتبك كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال

ومن يومها ودول الإسلام تنتقص أرضًا أرضًا، وتسقط في قبضة الأعداء دولة دولة حتى تُوج ذلك بالقضاء على الدولة العثمانيه، وفُتت العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة فيما عرف باتفاقية "سايكس بيكو"، وما زالت دوله تنتقص وتُجزَّأ، ويزرع فيها من يكيد للأمة المسلمة، ويكون عينًا للغرب الصليبي، وراعيًا لمصالحه، وساعيًا لمزيد تفتيت وتجزئة حتى لا تقوم للمسلمين قائمة،هذه الزفرة بدأت في جنوب السودان مع أول دقيقة من يوم التاسع من يوليو 2011 اليوم المحدد لإعلان دولة جنوب السودان، هذه الدولة التي ولدت بناء على مؤامرة دولية كبيرة ليست وليدة اليوم فعندما قام الإنجليز بفصل السودان عن مصر تحت اسم الاستقلال قبل أن ينسحبوا عسكريا منه، وذلك في عام 1956، واعترف عبدالناصر بهذا الفصل، وهذه أول جريمة فصل طوعية بين بلاد المسلمين في العصر الحديث، أما أرض الجنوب فهي أرض بكر متخمة بالثروات، ومنها النفط الذي تتصارع عليه الشركات النفطية الكبرى، وتربتها من الخصوبة بمكان، وعدد سكانها لا يتجاوز الثمانية ملايين نسبة المسلمين منهم حوالي 25 %ونسبة النصارى حوالي 17% والغالبية الباقية من الوثنيين وفي عام 1922 بدأت بريطانيا الإعداد لفصل جنوب السودان عن شماله
فلقد تركت بريطانيا إسفيناً أشغلت به السودان على مر العقود، ووضعت بذرة انفصال الجنوب، ثم رعت الدول الغربية هذه البذرة وسقتها.. من بريطانيا إلى أمريكا حتى أينعت وهكذا قسمت الأندلس حتى ضاعت من قبل وأضحى الإسلام فيها أثرًا بعد عين، وتراثًا يحكيه القصاصون، وهكذا أيضًا سقطت دولة بني عثمان، وقسمت دول الإسلام، وهكذا أيضًا ضاعت دول البلقان، وهكذا فصلت سنغافورة عن ماليزيا، وفصلت كشمير عن باكستان، وهكذا بترت تيمور الشرقية عن إندونيسيا والقلوب المؤمنة الحية تتألم لهذه المصيبة التي دهت الإسلام بفصل جنوب السودان ومن مخاطر هذا الفصل: تقوية الدولة اليهودية التي خططت لهذا الفصل منذ احتلالها للقدس قبل أربعة عقود، ودعمته ماليًا وسياسيًا وعسكريًا إلى أن تم لها ذلك، ولها أطماع في ثروات جنوب السودان، وفي مياه النيل، وفي السيطرة على منابعه لخنق مصر وتطويعها، ومخاطر أخرى تعزّ على الحصر.

ولكن رغم قتامة المشهد، وتأزم الموقف، وضعف الأمة، وشدة ما يحيط بها من مخاطر، وما يحيكه الأعداء لها من مكائد؛ فإن الأمل في الله تعالى عظيم، وإن نصره قريب، وما تكالب الأعداء على الإسلام إلا لقوته وسرعة انتشاره في الشعوب، وما على المسلمين إلا العمل لدين الله تعالى، وتبليغ رسالته، وكشف مكائد الأعداء للحذر منها(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ) (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا(

الأربعاء، 13 يوليو 2011

اسماعيل أدهم الذي اطمأن قلبه بالإلحاد فانتحر


مر وقت طويل عندما بدأت أبحث في الالحاد والملحدين قبل أن تشدني قصه اسماعيل أدهم وألذي أجزم أن أحداً منكم لم يسمع به وهذا ليس لحسن حظ تفردت فيه من دونكم ولا لسوء حظكم لكن وجدت نفسي أقف طويلاً عند هذه الشخصيه والتي شدتني ولربما قاسمها هذا الاهتمام شخصية عبدالله القصيمي الملحد الذي كتبت عنه فيما سبق صاحب كتاب " هذه هي الاغلال " وكتاب " الكون يحاكم الاله"

فمن هو اسماعيل ادهم ؟

إسماعيل أحمد إسماعيل إبراهيم أدهم كاتب مصري ولدعام 1911م بالاسكندريه وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931 وعُيِّنَ مدرسًا للرياضيات في جامعة سان بطرسبرج ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقره وعاد إلى مصر سنة 1936. فألف كتابه المثير للجدل لماذا أنا ملحد ؟ انتحر عام 1940م

ولد لأب مسلم وام نصرانيه ألمانيه تعاهد زوج عمته تعليمه وتربيته تربيه اسلاميه فحفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشره من عمره فقال في كتابه عن هذه التجربه ...غير أني خرجت ساخطا على القرآن لأنه كلفني جهدا كبيرا كنت في حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسي، وكان ذلك من أسباب التمهيد لثورةٍ نفسيةٍ على الإسلام وتعاليمه. ولكني كنت أجد من المسيحية غير ذلك، فقد كانت شقيقتاي، وقد نالتا قسطا كبيرا من التعليم في كلية الأمريكان بالأستانة، لاتثقلان عليّ بالتعليم الديني المسيحي. وكانتا قد درجتا على اعتبار أن كل ما تحتويه التوراة والإنجيل ليس صحيحا. وكانتا تسخران من المعجزات ويوم القيامة والحساب، وكان لهذاكله أثر في نفسيتي ".

يقول إسماعيل أدهم:-وفي هذه الفترة قرأت لداروين أصل الأنواع وأصل الإنسان وخرجت من قرائتهما مؤمنابالتطور. وقرأت مباحث هكسلي وهيكل والسر ليل وبيجهوت وانكببت أقرأ في هذه الفترة لديكارت وهوبس وهيوم وكانت ، وأنا لم أتجاوز الثالثة عشرة من سنى حياتي .ولكني لم أكن أفهم كل ماأقرأه لهم . وخرجت من هذه الفترة نابذا نظرية الإرادة الحرة ، وكان لسبينوزاوأرنست هيكل الأثر الأكبر في ذلك

وهكذا عاش صاحبنا ينهل من المرضى والشكاكين حتى مرض مثلهم واعتل قلبه مثلهم قال الذهبي رحمه الله فى ترجمة ابن الراوندي وكان يلازم الرافضه والملاحده .. فإذا عوتب قال : إنما أريد أن أعرف أقوالهم إلى أن صار ملحدا وحط على الدين والمله

وقد عرَّف أدهم الإلحاد على النحو التالى: "الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم"، ومن رأيه أن "فكرة الله فكرة أولية،وقد أصبحت من مستلزمات الجماعات منذألفي سنة،ومن هنايمكننا بكل اطمئنان أن نقول أن مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها في عالم الفكرالإنساني لا يرجع لما فيها عناصر القوة الإقناعية الفلسفية، وإنما يعود لحالة يسميها علماء النفس التبرير.ومنهنا فإنك لا تجد لكل الأدلة التي تقام لأجل إثبات وجودالسبب الأول قيمة علمية أو عقلية. ونحن نعلم مع رجال الأديان والعقائد أن أصل فكرةالله تطورت عن حالات بدائية، وأنها شقت طريقها لعالم الفكر من حالات وهم وخوف وجهل بأسباب الأشياء الطبيعية. ومعرفتنا بأصل فكرة الله تذهب بالقدسية التي كنا نخلعهاعليها
وحين يتكلم عن الإلحاد الذى انتهى إليه بعد دراسته للرياضيات فى روسيا يقول: "وكانت نتيجة هذه الحياة أني خرجت عن الأديان وتخليت عن كل المعتقدات وآمنت بالعلم وحده وبالمنطق العلمي،ولشد ما كانت دهشتي وعجبي أني وجدت نفسي أسعد حالا وأكثر اطمئنانا من حالتي حينما كنت أغالب نفسي للاحتفاظ بمعتقد ديني. وقد مكَّن ذلك الاعتقادَ في نفسي الأوساطُ الجامعيةُالتي اتصلتُ بها إذ درستُ مؤقتا فكرتي في دروس الرياضيات بجامعة موسكو سنة 1934... فأنا ملحد، ونفسي ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحةإليه،فأنا لا أفترق منهذه الناحية عن المؤمن المتصوف في إيمانه

وكان أدهم يقول عن انتهائه إلى الإلحاد وتخليه عن الإيمان بالله: "إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة: منها ما هوعلمي بحت، ومنها ما هو فلسفي صرف، ومنها ما هو بين بين، ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي،ومنها ما يرجع لأسباب سيكلوجية، وليس من شأني في هذا البحث أن أستفيض في ذكر هذه الأسباب، فقد شرعتُ منذ وقت أضع كتابا عن عقيدتي الدينية والفلسفية، ولكن غايتي هناأن أكتفي بذكر السبب العلمي الذي دعاني للتخلي عن فكرة "الله

لكن حاله لم تكن كما وصف بل كان شقيا تعيساً كعادة الملحدين اللذين هم أبعد الناس عن الشعور الحقيقى بالسعادة إنهم ناس ضائعون خائفون رغم كل شقشقتهم وتظاهرهم بالتحدى للخالق وحرصهم على إعلان التمرد وكيف يكون الإنسان سعيدا وهو يشعر بالخواء والوحشة من حوله وبالظلام والخوف يلفه من كل جانب ويرى نفسه فى أعماقه عاجزا ضعيفا مهما كان قويا صحيح البدن وغنيا كبيرالثراء ومهما كان حوله من الأصدقاء والمعارف؟ إن هذا كله لا يمكنه أن يعوّضه عن فقدان الإيمان بالله سبحانه الذى يمثل صمام الأمن الحقيقى فى كل الأوقات والاطمئنان الراسخ فى الحاضر والأمل المتين فى المستقبل: المستقبل القريب والمستقبل البعيد جميعا فها هو سارتر يقول في اعترافه الأخير لسيمون دوبوفوار: " أنا لا أشعر بأني مجرد ذرة غبار ظهرت فيهذا الكون وإنما ككائن حساس تم التحضير لظهوره وأحسن تكوينه أي بإيجاز ككائن لم يستطع المجيء إلا من خالق..


وهاهو الملحد بول كراوس ينتحر بعد اسماعيل ادهم بسنوات ليأتي انتحاره كنتيجه طبيعيه لتلك السعاده المزعومه

حتى اسماعيل أدهم رمى نفسه في مياه المتوسط في تركيا وفقاً للوكيبديا وفي الاسكندريه وفقا لخير الدين الزركلي " وفي الثلاثين من عمره" لأنه لم يكن سعيدا على الإطلاق، بل كان شقيا تعيسا إلى الدرجة التى لم تعد لديه معها أيةمقدرة على التحمل والاستمرار فى الحياة فبَخَعَ نفسه بيده وانتحر ومعنى هذا؟ معناه أنه كان يكذب على نفسه وعلى الآخرين معا وبعدساعات من هذا الحادث المؤلم تتكشَّفُ الأمواج عن جثة الرجل ويلفظ به البحر على الشاطيء فيعثر عليه رجال الإطفاء والشرطة؛ فيقوم بعضهم بالبحث في ملابسه للكشف عن حقيقته فإذا به يستخرج من جيب معطفه ورقة من صاحبها إلى رئيس النيابة يقول فيها بأنه قد انتحر غرقًا؛ لكونه قد يأس من الدنيا وزهد من العيش فيهاثم أوصى رجال البوليس بأن: يقوموا بحرق جسده وتشريح رأسه وعدم دفنه في مقابرالمسلمين!

فلم يعبأ رئيس النيابة بتلك الوصية! وأمر بتشريح جثته لإثبات كونه مات غريقًا منتحرًا ولم يتعرض الطبيب الشرعي لتشريح رأسه ثم سلمه لأهله فدفنوه في مقابر المسلمين" وبكل أسف "
ولينعيه الأديب السوري سامي الكيالي- صديق إسماعيل أدهم في - مقالة رثاء في مجلته: «الحديث الحلبية» جاءفيها:
«شاب في حدود الثلاثين، مَغُولِيُ الوجه والسِّحْنة،تقرأ في وجهه سِيماء العلماء الذين أنهكهم الدرس وأضناهم التفكير... لقد عمل الدكتور في حقبة قصيرة ما يعمله العلماء الأفذاذ في سنوات طويلة، وكأنه عمل جهودأربعين سنة في أربع سنوات...» .


ويسْطُر الأستاذ أحمد حسن الزيات الأديب الكبير في مجلته الرسالة) كلمة تحت عنوان (نهاية أديب يقول في مطلعها:
في الساعة السابعة من مساء يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر يوليه، لفَظَ البحرعلى ساحل "جليم" بالإسكندرية جثة كانت في رونق العمر. وإن بدا على محاسرها مسحةٌ من شفوف الهم وشحوب الألم. لم يكد يلقيها الموج الصاخب المتعاقب بالرمل المستوي المنضوح حتى أخذتهاعيون الحرس الساحلي، فظنوها لأول وهلةضحية من ضحايا الحرب الإنجليزية الإيطالية في هذا البحرالمسجورالعذاب والموت؛ولكنهم علموا من بذلة الغرق ومعطفه وسلامة بدنه أنه مدني سقط في البحر أو أُلْقِيَ فيه. فلما فتَّشَه رجال الشرطة ليكشفوا عن هويته عثروا في جيب معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يقول فيه:
"إنه قتل نفسه بالغرق يأسا من الدنيا وزهادة في العيش،ويوصي بأن يحرق جسده ويُشرَّح رأسه" .

إذن هو رجل من رجال الفكر والرأي،جعل للحياة مثلا لم يحققه فهويجتويها،ورأى في العقيدةرأيًا لم يرقه فهو لايرتضيها،واعتقد أن في مخه عبقريةفهو يرجو أن يظهر بالتشريح خافيها. فهل تدري من هو؟

هوالدكتور (إسماعيل أحمد أدهم) عضو أكاديمية العلوم الروسية،ووكيل المعهد الروسي للدراسات الإسلامية، كما كان يخبر عن نفسه؛ وهو صاحب المقالات العلمية والنقدية في الرسالة والمقتطف،ومُنَشِّطُ الحركة الأدبية في الإسكندرية وجمعية الثقافة...)


ولكن ... لماذا ألحد اسماعيل أدهم ولماذا ألحد الملحدون ؟؟

يقول الشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله تعالى في مذكرة التوحيد : أنه لم يكفر الملاحدة بالله تعالى إلا فرارا من الطاعة والالتزام ولا يضير الدعاة إلىالحق أن عدل عن طريقه المستقيم من انحرف مزاجه، أو غلبته شهوته، فخشي أن تحدَّالشريعة من نزعاته الخبيثة، وتحول دون وصوله إلى نزواته الدنيئة، أو أطغاه كبره وسلطانه، وخاف أن تذهب الشريعة بزعامته الكاذبة، وسلطانه الجائر، فوقف في سبيلها،ولج في خصامها بغيًا وعدوانًا

وصدق الله العظيم سبحانه اذ قال ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةًضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَاوَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)

الجمعة، 8 يوليو 2011

كيف أقنع الشيخ علي الطنطاوي ابنته بارتداء الحجاب ؟

قال الشيخ المربي علي الطنطاوي – رحمه الله - :
لقد قلتُ من قديم إنَّ الإسلام اليوم أمام هجومٍ ماعرفه أهله أيام حملات الصليبيين ولا هجمات المغول والتتر ، وهو أشد من الاستعمار الذي طالما قاسينا منه وبذلنا من مهاجنا وأرواحنا وأرقنا من دمائنا ، وحملنا من تخريب بلادنا وخسران خيراتنا الكثيرَ الكثير لندفع شره عنّا . فهذا الاستعمارالعسكري انتهى ، ولكن بلينا باستعمار شرّ منه هو الاستعمار الفكري والا جتماعي ؛ إن أعداءنا يدخلون علينا من بابين : باب يأتي منه مرض يقتل وهو الكفر ،ولكنه مرض بطيىء الانتشار ضعيف العدوى ومرض دونه خطر وهو أقل منه ضررا ،ولكن عدواه سرعة وانتشاره عاجل الأول وهو مرض الشبهات والثاني مرض الشهوات. والأول ما يتمثل المرض الثاني في هتكه حجاب المسلمات ، واختلاط البنين بالبنات ،وتمهيد طريق الفاحشة للشبان والشابات . وقد سخرت له قوى هائلة لا طاقة لنا اليوم لدفعها مجتمعة ، إلا أن يحفظ كل اب منا بنته ، وكل زوج منا زوجته ، وكل أخ أخته. أنا أقيم في مكه: وصيف مكة أتون متّقد ، الحرارة فيه قد تقارب الخمسين ، فماذا أعمل ؟ هل أستطيع أن أنصب على جبل أبي قبيس مكيفاً (كونديشن ) ضخماً وعلى قُعيقعان (جبل الهندي ) مثله لأبرّد جوّ مكة ؟ وإن جاءالبرد في جبال الشام ولبنان فهل أضع في ذراها مدافىء كبيرة تدفع البرد وتعدل الجو؟ أم آتي في الصيف بمكيف صغير أضعه في بيتي وأغلق بابه علي وأضع مدفأة في داري في الجبل فأدفىء بيتي ؟ علينا أن نحفظ أنفسنا وأن نحفظ من استرعانا الله أمره من أهلنا وأولادنا .
فكيف أعمل على تعليم بناتي الحجاب ؟ أنا لا أريد أن أجبر بنتي عليه إجباراً ، فتتخذه وهي كارهة له ضائقة به حتى إذا استطاعت نبذه نبذته ، بل أريد أن تتخذه مقتنعة به مطمئنة إليه محبّة له . ففكرت وطلبت العون من الله لمّا جاوزت بنتي الأولى التاسعة ومشت في طريق العاشرة أو قبل ذلك بقليل ، لقد نسيت الآن .
قلت لأمها : اذهبي فاشتري لها خماراً ( إيشارب ) غاليًا نفيسًا .
وكان الخمار العادي يُباع بليرتين اثنتين وإن ارتفع ثمنه فبثلاث ، قالت : إنها صغيرة تسخر منها رفيقاتها إن غطت شعرها ويهزأن منها . قلت : لقد قدّرتُ هذا وفكرت فيه ، فاشتري لها أغلى خمار تجدينه في السوق مهما بلغ ثمنه .
فكلّمتني بالهاتف من السوق وقالت : لقد وجدت خماراً نفيسًا جداً من الحرير الخالص ولكن ثمنه أربعون ليرة . وكان هذا المبلغ يعدل يومئذ أكثر من ثلث راتبي الشهر كله ، فقلت لها : اشتريه . فتعّبَت وحاولت أن تثنيني عن شرائه فأصررت ، فلمّا جاءت به ولبسَته البنت وذهبَت به إلى المدرسة كان إعجاب التلميذات به أكثر من عجبهن بارتدائه ، وجعلن يثنين عليه ، وقد حسدها أكثرهن على امتلاكه . فاقترن اتخاذها الحجاب وهي صغيرة بهذا الإعجاب وهذا الذي رأته من الرفيقات ، وذهب بعضهن في اليوم التالي فاشترين ما يقدرن عليه من أمثاله ، وإن لم تشترِ واحدة منهن خماراً في مثل نفاسته وارتفاع سعره .
بدأَت اتخاذ الحجاب فخورة به محبة له ، لم تُكره عليه ولم تلبسه جبراً . وإذا كان العامة يقولون :" الشيء الغالي ثمنه فيه " فإن هذا الخمار بقي على بهائه وعلى جِدّته حتى لبسه بعدها بعض أخواتها وهو لا يزال جديداً ، فنشأن جميعًا بحمد الله متمسكات بالحجاب تمسك اقتناع به وحرص عليه . اهـ
ذكريات علي الطنطاوي 6 /324-326

دمعه!!

تألَّق البرقُ نجديا فقلتُ له **** يا أيها البرق إنِّي عنك مشغولُ





أحببتها فتضائل بجانب حبنا حب قيس وليلي فلا كثير يباريني ولا عزه تضاهيها كنت أراها في قوام اللوز الممشوق ومع أزاهير الصباح النديه أحسست أنفاسها في كل نبضه عرق كنت أعانقها فتبادلني العناق وأُقبلها فلتثمُمني الوجنتين حتى قضى بيننا القاضي بأن نفترق قاضي حكمه لا يُراجع ولا يُستأنف فماعادت تلك الوجنتين كتلك الوجنتين ولا كان اللقاء حاراً كما كان ولا عادت تُطوق رأسي كلما طوقتُ ذراعاي ألا حاسيس حاره من جانبي فقط وكأنها لم تعد تهتم ولا كان بيننا ما كان عزائي أن كانت تهمس لي دائما الموعد الجنه الموعد الجنه ،،
تلكم كانت  جدتي في أكفانها،،،


الخميس، 7 يوليو 2011

ليلى الحزينه التي في " العراق" (2)


كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان


وبما أن الحب بالحب يذكر أحببت أن أسرد قصه حدثني بها أخ فاضل من أهل البصره حيث يقول كنت طالباً في أحد المعاهد وكانت بيننا طالبه متبرجه تحاول جاهده لفت انتباهي أحسست بذلك الأمر مبكراً فلم ألقي لها بالا واستمرت بذلك حتى جاء ما لم أكن أتوقع من فتاه

يقول دخلت القاعه يوماً مبكراً ولم يكن بالقاعه سواها فلما رأتني جائت من قبل وجهي وصرخت أنا أحبك ألاتفهم أليس لك قلب وأخذت تبكي كانت صدمه كبيره بالنسبه لي لم أكن أتوقع أن يتحول الصياد الى ضحيه كان هجوما كاسحاً لكن استجمعت قواي وقلت لها لو تزوجت فلن أتزوج متبرجه وغادرت القاعه والمعهد أيضا أحسست بتعب شديد وصدمه لازلت أتحسس أثارها وحادثه لاأنساها ماحييت

فلما حضرت في يوم تالي وجدت زملائي قد انتظموا في مقاعدهم وأستاذي يوشك أن يبدأ بدرسه وطالبه محتجبه في آخر القاعه !! أتدرون من هي ؟؟


 انها صاحبتنا الاولى ...

ليلى الحزينه التي في "الرياض" ( 1)


أحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري


ليس بالضروره أن تكون "ليلى " ولا بالتي أحبها الشاعر وأحب بعيره ناقتها وربما كانت ضحيه لحب أعمى أو على ألاقل " أعور" يقول صديقي اتصلت بي زوجتي وقالت احترقت الكَليه يا أبا الوليد فتعال لتصطحبني للمنزل فيقول أتيتها وأخذتها وكانت سيارات الإسعاف والدفاع المدني لازالت بباب الكَليه وما أن ركبنا في السياره سألتني لابد أنك فرحت بسلامتي وستولم بخروف كبير شكراً لله أن أنجاني وردني اليك سالمه

يقول فنظرت اليها وقلت والله لاتستاهلين من يذبح من أجلك " بطيخه" ياليتكِ احترقت وعوضتنا الحكومه بالديه فتزوجت من هي خيراً منكِ .

انتهى كلام صديقي ولي أن أتخيل موقف تلك المسكينه وهي تقابل الفرحه بالنجاه بتهمك وسخريه انقلاب الخروف ببطيخه وكأني أرى الدموع وقد أنهمرت على خديها صدمة من جفاء الحبيب هي الدنيا ليس كل الرجال فيها كأبي زرع ولا كل من فيها فارس على حصان أبيض كما تتمناه المرأه ...

الاثنين، 4 يوليو 2011

سـامـحـنـي يـاعـلـي


كان موظفا من الطراز الأول لم يخيب أملي فيه يوماً من الأيام بل أصبح خلال فتره وجيزه ساعدي الأيمن كنت أعتمد عليه في كل شيء لم يتأخر يوماً من الأيام عن عمله ولاعن شيء كلفته به كان يبهرني دائماً حينما يقوم بعمله على أكمل وجه رغم أنه لم يكن يحمل مؤهلاً جامعياً
ذلكم "علي " شاب أربعيني ذو بشره حنطيه متزوج يعول أسره كبيره يبحث عن لقمة عيشه بجد وإخلاص
لكن علي لم يكن وسيماً كباقي الموظفين فشذ عن القاعده السريه لشروط العمل وبالتأكيد لا نعمل في عرض الأزياء لكن قاتل الله ذلك الشرط الذي أفقدني "علياً" لم يعجب الرئيس التنفيذي بعلي لذاً أمرني بالتخلص منه سريعاً ولم يشفع تبريري بمؤهلات علي العمليه بالتغاضي عن ذلك الشرط القاسي طلبت تأجيل ذلك القرار إلى مابعد العيد رأفة بالرجل وأسرته وهم ينتظرون فرحة العيد لكن دون جدوى
تخلص من علي قبل العيد !!
لم تكن المره الأولى ألتي أفصل فيها موظفاً فقد فصلت قبلة الكثير ليس أحدهم مثل علي ولم أتردد ذلك التردد أبداً بل اتخذت تلك القرارات بأريحيه مطلقه وبدون أدنى شعور بالألم والأسى كهذه المره
لكن بقي السؤال الأصعب كيف أخبر علي ؟؟
سؤال حاولت أن أجد له إجابة تسهل علي المهمه الصعبه فاستخرت الله عز وجل ذلك الصباح وذهبت مبكراً لعملي يحدوني الحزن على فراق " علي " وصل علي الى مقر العمل باكراً كعادته أيضاً منشرح الصدر باسم الوجه فزاد مهمتي تعقيداً
سألته أفطرت يا علي ؟
قال لا
إذن هيا نفطر سوياً صحبته إلى مطعم قريب وبعد أن انتهينا أبلغته الخبر علي أنت تعلم أنني أحبك وأعتمد عليك في كل عملي قال نعم يا أستاذ بارك الله فيك وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك
قلت نعم وألله أن ثقتي بك لا تهتز ولا تتأثر لكن قدر الله سبحانه وتعالى غالب ومشيئته نافذه قال نعم يا أستاذ اعلم ذلك لكن ماسبب ذلك الكلام ؟
قلت ياعلي رأت الاداره أن تستغني عن خدماتك وحاولت أن أوقف هذا القرار لكن ما باليد حيله
فأجابني بتلك ألابتسامه التي مازالت تعلو محياه وبذاته ذالك الانشراح الذي حدثتكم عنه لا مشكله يا أستاذ فالأرزاق مقسومه وأمر الله نافذ والإيمان بالقضاء والقدر سمة المؤمن ولا تنزعج سأبحث عن عمل آخر ولن تتوقف الحياه ولن يموت أبنائي من الجوع وشكراً لك أنت وجزاك الله خيراً وأبلغ الاداره تحياتي ودعائي الصادق لهم بالتوفيق قلت غريب أنت ياعلي !!فكرت في كلام حتى أواسيك وأخفف عنك تلك المشكله فإذا أنت الذي تواسيني وتخفف علي صدمتي بفراقك
لا عليك يا أستاذ هي الدنيا تجمع وتفرق ولا يدوم على حال لها شان ودعواتكم لي بالتوفيق
دعوت له بالتوفيق من كل قلبي فشكرني ثم أنصرف ..




الأحد، 3 يوليو 2011

مناظرة بين العلامتين الشنقيطي وابن ابراهيم (فناء النار)

فهذه مناظرة في فناء النار، ذكرها فضيلة الشيخ أحمد بن محمد الأمين الشنقيطي في كتابه (مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي )، بحضور فضيلة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم، وأخيه الشيخ العلامة عبداللطيف بن إبراهيم، يظهر فيها العلم الجم الذي حباه الله لفضيلة الشيخ محمد الأمين رحمه الله، وكذلك تواضع الشيخين محمد وعبداللطيف رحمهما الله ورجوعهما إلى الحق في هذه المسألة، وإلى تفاصيل المناظرة.
قال الشيخ أحمد بن محمد الأمين:
 ((لقد استدعى المسؤولون الشيخين: شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبدالرحمن الإفريقي رحمة الله على الجميع، استُدعيا للتدريس بالمعاهد والكليات، وأُنزلا بدار الضيافة، واستقبلهما المسؤولون بحفاوة وتكريم.
ولقد أقبل المسؤولون على فضيلة الشيخ محمد الأمين بغاية التقدير والاحترام، وكان هناك مصريٌّ حَضَريٌّ أزهري من أصحاب الشهادات المبروزة، وكان قبل قدوم الشيخ يُعتبر كأنه كبيرُ المدرسين ولما رأى حفاوة المشايخ بفضيلة الشيخ دونه لعل ذلك أخذ بخاطره ـ ولا أظن إلا خيراً ـ، فصار يتحين الفرص له.
أخبرني شيخي عليه رحمة الله، قال: عندما كنت خارجاً من فصلٍ كنتُ فيه في درس تفسير، ودخلتُ غرفة استراحة المدرسين، وكان الشيخان: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ وأخوه الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم، كانا موجودين في غرفة استراحة المدرسين، الأول مفتي الديار السعودية، والثاني المدير العام للمعاهد والكليات، فعندما دخلتُ غرفة الاستراحة، إذا ذلك المصري يقول: يا شنقيطي سمعتك تقرر في الدرس أن النار أبدية، وعذابها لا ينقطع؟.
قلتُ: نعم.
فقال: كيف تسمح لنفسك يا شنقيطي! أن تعلم أولاد المسلمين أن النار أبدية، وعذابها لا ينقطع، وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية والمجدد محمد بن عبدالوهاب يقرران أنها تخبو وينبت في قعرها الجرجير؟؟.
قال الشيخ: وكنتُ آنذاك حديثَ عهد بالصحراء أغضبُ إذا أُسْتُغْضِبْتُ، فقلتُ له: يا مصري! من أخبرك أن الرسول الذي أرسل إليَّ، ووجب عليَّ الإيمان بما جاء به اسمه محمد بن عبدالوهاب؟ إن الرسول الذي أرسل إليَّ ووجب عليَّ الإيمان بما جاء به اسمه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ولد بمكة ولم يولد بحريملاء، ودفن بالمدينة ولم يدفن بالدرعية، وجاء بكتاب اسمه القرآن، والقرآن أحمله بين جنبيَّ، وهو الذي يجب عليَّ الإيمان بما جاء به؛ ولما تأملت آياته وجدتها مطبقةً على أن النار أبدية، وأن عذابها لا ينقطع، علمتُ ذلك لأولاد المسلمين لمَّا ائتمنني وليُّ أمر المسلمين على تعليمهم، أسمعتَ يا مصري؟؟.

قال: فقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم: ((سَمْ؟!)) وهي بلهجة أهل نجد من مدلوها ((ما تقول؟)).
فقال الشيخ الأمين: فقلتُ لهُ: ذاك إنسان يعي ما يقول!!.
قال: وكان (أي: ابن إبراهيم) رجلاً عاقلاً، وقد علم أني مُحْتَدٌ.
فقال سماحته: أطال الله عمرك، منك نستفيد ـ يعني أفدنا ـ.
قال الشيخ الأمين: إني قلت ما قلت بعد أن اطلعتُ على ما استدل به ابن القيم تقريراً لمذهب شيخه.
لقد استدل بآية النبأ(لابثين فيها أحقابا* لا يذوقون فيها برداً ولا شرابا * إلا حميماً وغساقا))، وبآية هو (( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد)).
واستدل بأربعة أحاديث ثلاثة منها في غاية الضعف، ولا يمكن الاحتجاج بها، والرابع حديث طاووس عن عبدالله: ((يأتي على النار زمان تخفق أبوابها، وينبت في قعرها الجرجير))، وهو حسن السند صالح للاحتجاج به.
واستدل ببيت شعر هو قول الشاعر:
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.....
قال: لا مانع من أن يكون ما يجمل عند العرب كله موجود في القرآن، والعرب يجمل عندهم إخلاف الوعيد وإنجاز الوعد، فلا مانع إذا من إخلاف وعيده لأهل النار بالخلود.
قال: وذكر ابن القيم سفسطةً للدهريين هي قولهم: إن الله أعدل من أن يعصيه العبد حقباً من الزمن فيعاقبه بالعذاب الأبدي، قالوا: إن الإنصاف أن يعذبه قدر المدة التي عصاه فيها.
وأنا أُجِلُّ ابن القيم عن أن يكون ذكر هذه السفسطة للاحتجاج بها، وإنما ذكرها استطراداً.
فقال سماحته: أفدنا أطال الله في عمرك.
قال شيخنا: فقلتُ له: إني أصبحت وإياك على طرفي نقيض، أنتم تمثلون طائفة من المسلمين تقول بفناء النار وانقطاع عذابها، وأنا أمثل طائفة من المسلمين تقول النار أبدية وعذابها لا ينقطع، والله تعالى يقول: ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) إلى قوله تعالى ((ذلك خير وأحسن تأويلا)).
فقد أصبحنا يا سماحة الشيخ بمثابة المتناظرين، ولا بد للمتناظرين من حَكَمٍ يُحكامنه بينهما يرجعان إليه لئلا يتسع الخلاف.

قال سماحته: فماذا ترى أن نحكم بيننا؟.
قال شيخنا: أرى أن نحكم بيننا كتاب الله تلاوةً لا تأويلا، معناه أنه لا يقبل من أحدنا الاستدلال إلا بآية يشهد له منطوقها بدلالة المطابقة.
قال سماحة الشيخ محمد: فقد حكمنا بيننا كتاب الله تلاوة لا تأويلا.
فقال الشيخ الأمين: إذا شاء سماحتكم بحثنا هذه المسألة بالدليل الجَدَلي المعروف بالسبر والتقسيم، والذى أتى به صاحب مراقي السعود ـ المسلك الرابع من مسالك العلة ـ حيث يقول:
والسبر والتقسيم قسم رابع أن يحصر الأوصاف فيه جامع
ويبطل الذي لها لا يصلح فما بقي تعيينه متضح
ومعنى البيتين: أن يجمع المتناظران أو المتناظرون الأوصاف التي يحتمل أن تكون مسألة النزاع متصفة بها، فإن اتفقا أو اتفقوا أنَّ أوصاف المسألة محصورة فيما جمعوا، شرعوا في سبرها، أي: في اختبارها، أي: بعرضها واحدة بعد واحدة على المحكم، فما رد منها المحكم وجب رده، وما بقي تعيَّن الأخذ به.
فقال سماحة الشيخ محمد: وافقنا على بحث المسألة بالسبر والتقسيم.
قال شيخنا: قيدوا ما تتفقون عليه من احتمالات للمسألة لتتمكنوا من عرضها على المحكم واحدة بعد الأخرى، فمثلاً:
يحتمل: أن النار تخبو.
ويحتمل: أنها تأكل من أُلقي فيها حتى لا يبقى من أهلها شيء.
ويحتمل: أنهم يخرجون منها فراراً منها.
ويحتمل: أنهم يموتون فيها، والميت لا يحس ولا يتألم.
ويحتمل: أنهم يتعودون حرَّها فلا يبق يؤلمهم.
ويحتمل: أنه لا يقع شيء من ذلك كله، وأنها أبدية وعذابها لا ينقطع.
ولمّا اتفق الحضور على أنه لا يوجد احتمال بعد هذه الاحتمالات الستة المقيدة، ابتدؤوا بعرض الاحتمالات على المحكم.

قالوا: يحتمل أنها تخبو، فإذا المحكم يقول: ((كلما خبت زدناهم سعيراً))، ومعلوم أن (كلما) أداة من أدوات التكرار بلا خلاف، فلو قلت لغلامك: كلما جاءك زيد أعطه كذا من مالي، فإذا منعه مرة ظلمه بلا خلاف.
وقالوا: يحتمل أنها تأكلهم حتى لم يبق منهم شيء، فإذا المحكم يقول: ((كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب))، فلم يبق لهذا الاحتمال نصيب بموجب هذه الآية.
وقالوا: يحتمل أنهم يخرجون منها هاربين، فإذا المحكم يقول: ((كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها))، ويقول: ((وما هم منها بمخرجين))، فلم يبق لهذا الاحتمال أيضاً نصيب من الاعتبار.
وقالوا: يحتمل أنهم يموتون فيها والميت لا يحس ولا يتألم، فإذا المحكم يقول: ((إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحي))، ويقول: ((ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت))، فلم يبق لهذا الاحتمال نصيب من الاعتبار.
وقالوا : يحتمل أنهم يتعودون حرها فلم يبق يؤلمهم لتعودهم عليه، فإذا المحكم يقول: ((فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا))، ويقول: ((إن عذابها كان غراماً))، والغرام: الملازم، ومنه جاء تسمية الغريم، ويقول المحكم: ((فسوف يكون لزاما))، فلم يبق لهذا الاحتمال أيضاً نصيب من الاعتبار.
قال شيخنا: فلم يبق إلا الاحتمال السادس، وهو أنها أبدية وعذابها لا ينقطع، وقد جاء ذلك مبيناً في كتاب الله العزيز في خمسين موضعاً منه.
فسردها لهم مرتبة بحسب ترتيب مصحف عثمان رضي الله عنه، وكأنها جاءت مسرودة في صفحة واحدة.
وعند ذلك قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية، قال: آمنا بالله وصدقنا بما جاء في كتاب الله.
فقال شيخنا على رحمة الله: وعلينا أن نجيب عن أدلة ابن القيم، وإلا تركنا المسلمين في حيرة، ولنجيبنَّ عليها بالكتاب تلاوة لا تأويلا، فنقول:
أما آية النبأ، فلا دليل فيها لما يريد الاستدلال بها عليه، إذ غاية ما تفيده آية النبأ هذه، هو: أن أهل النار يمكثون أحقاباً من الزمن في نوع من العذاب هو الحميم والغساق، ثم ينتقلون منه إلى آخر بدليل قوله تعالى في : ((هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج))، ومعلوم أن عذاب أهل النار أنواع، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
وأما استدلاله ببيت الشعر فإن ما قاله يمكن اعتباره لولا أننا سمعنا الله تعالى يقول في كتابه: إن وعيده لأهل النار لا يخلف، قال في (ق): ((قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد))، وقال أيضاً في نفس السورة: ((كل كذب الرسل فحق وعيد)).

وأما سفسطة الدهريين التي ذكرها استطراداً، فقد تولى الله تعالى الجواب عنها في محكم تنزيله، وهو الذي يعلم المعدوم لو وجد كيف يكون، وقد علم في سابق علمه أن الخُبث قد تأصل في أرومة هؤلاء الخبثاء بحيث إنهم لو عذبوا القدر من الزمن الذي عصوا الله فيه، ثم عادوا إلى الدنيا لعادوا لما يستوجبون به العذاب، لا يستطيعون غير ذلك، قال تعالى في سورة الأنعام: ((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيت ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)).
فيبقى لدينا من أدلة ابن القيم آية هود، وهي قوله تعالى: ((خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد))، وحديث أبي داود وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على النار زمان تخفق أبوابها وينبت في قعرها الجرجير))، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فإنهما دليلان صالحان للاحتجاج بهما، فيجب علينا البحث والتنقيب عن وجه يمكن به الجمع بين الأدلة، لأن إعمال الدليلين أولى من طرح أحدهما كما هو مقرر في فن الأصول، قال في مراقي السعود:
والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا
إن عندنا أدلة على أن النار أبدية ولا ينقطع عذابها، وهذه الآية التي من سورة هود وهذا الحديث الحسن دليلان يفيدان أن النار تفنى، فما العمل؟.
والجواب: أننا نرى إمكان الجمع بين هذه الأدلة، بحمل آية هود وحديث أبي داود على الدَّرك من النار المخصص لتطهير عصاة المسلمين، فإنه يخرج منه آخر من بقلبه مثقال ذرة من إيمان، ويخبو وتخفق أبوابه وينبت في قعره الجرجير، أما دركات النار المعدة سجناً وعذاباً للكفار فهي أبدية وعذابها لا ينقطع.
وهنا تنسج الأدلة الشرعية في بوتقة واحدة لا تعارض بينها، ولا يكذب بعضها بعضا، وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فقال سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ: ((يا عبداللطيف ـ يعني أخاه المدير العام للمعاهد والكليات ـ الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل، من الآن قرروا أن النار أبدية، وأن عذابها لا ينقطع، وأن تلك الأدلة المراد بها الدرك من النار المخصص لتطهير عصاة المسلمين))، وبالله تعالى التوفيق.))