ولقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعة من السادات أنهم دفنوا كتبهم! فقلت له: ما وجه هذا؟ فقال: أحسن ما نقول أن نسكت! يشير إلى أن هذا جهل من فاعله، وتأولت أنا لهم، فقلت: لعل ما دفنوا من كتبهم فيه شيء من الرأي، فما رأوا أن يعمل الناس به.ولقد روينا في الحديث عن أحمد بن أبى الحواري: أنه أخذ كتبه؛ فرمى بها في البحر، وقال: نعم الدليل كنت، ولا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المذلول!وهذا إذا أحسنا به الظن، قلنا: كان فيها من كلامهم ما لا يرتضيه، فأما إذا كانت علومًا صحيحة، كان هذا من أفحش الإضاعة.وأنا وإن تأولت لهم هذا؛ فهو تأويل صحيح في حق العلماء منهم: لأنا قد روينا عن سفيان الثوري أنه قد أوصى بدفن كتبه، وكان ندم على أشياء كتبها عن قومٍ، وقال: حملني شهوة الحديث، وهذا؛ لأنه كان يكتب عن الضعفاء والمتروكين، فكأنه لما عسر عليه التمييز، أوصى بدفن الكل. وكذلك من كان له رأي من كلامه، ثم رجع عنه، جاز أن يدفن الكتب التي فيها ذلك. فهذا وجه التأويل للعلماء
صيد الخاطر
صيد الخاطر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق