بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

اية الله العظمى جمال الدين الافغاني الماسوني (3)

الوضع السياسي خلال عهد اسماعيل باشا:
الخديوي إسماعيل هو ابن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا المولود عام 1830 م ، خامس حكام مصر من أسرة محمد علي باشا ، و اسماعيل هو الذي أغرق مصر بالديون و ان كانت تلك الديون قد ابتدأت في عهد سلفه محمد سعيد بن محمد علي ـ من1854 إلى 1864ـ. الذي منح امتياز شق قناة السويس لصديقه المهندس الفرنسي " دي ليسابس " بشروط مجحفة جرَّت على بلاد مصر الويلات فيما بعد. ولد اسماعيل في القاهرة عام 1830،. و أتم دراسته في باريس ، و عاد الي مصر حيث أصبح وريثا شرعيا للعرش .وفي 18 يناير 1863 أصبح إسماعيل والي مصر بعد وفاة عمه سعيد باشا ، و كان الأمير " حليم " شقيق اسماعيل باشا هو الوريث الشرعي " لإسماعيل باشا " بناءا على بروتوكول الوراثة القديمة , إلاَّ أنَّ إسماعيل نجح في أن يجعل الوراثة لابنه توفيق أكبر أبنائه , بعد أن أنفق هدايا ورشاوي للباب العالي للحصول على فرمان 1866 لتحويل الولاية الى أكبر أبنائه .ثم فرمان 1867 للحصول على لقب الخديوي .و خلعته إنجلترا عن العرش في 1879نتيجة لتبذيره الذي جر على البلاد التدخل الاجنبي ، بعد أن ضغطت على السلطان العثماني لاستصدار أمر بعزله و تولية ابنه توفيق .و بعد عزله سافر على الفور إلى ناپولي بإيطاليا، ثم انتقل بعدها للإقامة في الآستانة. حيث توفي في 2 مارس 1895 .النشاط الماسوني في عهد إسماعيل : كان إسماعيل باشا ماسونيا صرفاً كجدَّه محمد علي، وكان متأثرا جدا بالحياة في أوروبا , و ذلك جرَّاء اقامته للدراسة في فرنسا ، فكان يحلم بـأن يجعل فرتسا قطعة من الغرب ، و لذلك فقد لجأ اسماعيل باشا إلى استمالة حكام اوروبا له , فكان يهدي كل واحد منهم يزور مصر مسلة فرعونية وهي التي تظهر في ميادين العواصم الأوروبية الآن .وحين تولى حكم مصر ألقى مقاليد البلاد لليهود والماسونيين الذين كانوا يسيطرون على نظام الحكم في مصر ويتحكمون في شئون البلاد اقتصاديا وسياسيا .ـ وزاد النشاط الماسوني في مصر في عهد اسماعيل باشا جدَّا , واحتل الماسونيون في عهده أعلى المناصب في البلاد , فكان رئيس الوزراء والوزراء والمديرون وكبار الشخصيات في مصر من الماسونيين الذين كانوا قد عادوا من فرنسا , و منح اسماعيل الماسونيين ألقاب " باشا " و " بك " و " أفندي " دون غيرهم من المواطنين .والتف اليهود حول " إسماعيل باشا " وأحسوا بأنه فريسة سهلة يمكن توريطها والزج بها في المستنقع الذي ترسمه له الصهيونية العالمية .. واستغل اليهود حماس " إسماعيل باشا " في أنه يريد أن تكون القاهرة مثل باريس التي عاش فيها .ـ ثم فتح " إسماعيل باشا " الوظائف الحكومية العامة على مصراعيها لليهود , ولاسيما في أقسام وأقلام الحسابات والترجمة , وبدأ اليهود في تحقيق آمالهم في السيطرة على مصادر المال والذهب في مصر .وكان من أوائل اليهود الذين عملوا في هذه الوظائف " فيكتور هراري " و " إفرايم عاداة " اللذان تدرجا حتى صار الأول مديرا عاما للخزانة المصرية , وصار الآخر مراقبا بوزارة المالية , و عين " يعقوب منشه " " صراف باشي " للخديوي إسماعيل وهو الذي أسس مع " يعقوب قطاوي " بيتا للصرافة والتجارة ولاقى نجاحا وشهرة حتى أنهما فتحا أفرعا في انجلترا فيما بعد .ـ وتمكن اليهود و الماسون من إصدار أول صحيفة يهودية سنة 1877 , وامتلكها اليهودي المعروف " يعقوب صنوع " أحد كبار مريدي الافغاني والذي أطلق إسم " أبو نظارة " على صحيفته " وتبعه زميله اليهودي " موسي كاستلي " عام 1879 فأصدر صحيفة " الكوكب المصري " .واستغل اليهود الموقف فأصدروا الصحف والمجلات التي تخدم أهدافهم الرئيسية التي تساعدهم على إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين , ولما كان " محمد علي " قد عين من قبل يهوديا ضمن أفراد حاشيته , فإن ابنه " عباس الأول " قرب إليه " يعقوب قطاوي " وعينه في وظيفة صراف عام .وكذلك فعل " إسماعيل " الذي فتح الباب على مصراعيه لأعداد كبيرة من اليهود واستعان بهم في مفاوضات الحصول على القروض الأجنبية من البيوت المالية اليهودية الكبرى في أوروبا مثل بيت " أوبنهايم " وبيت " روتشيلد ".
حليم باشا و الماسونية :ـ
عَهِدَ اسماعيل باشا برعاية الماسونية الى أخيه الأمير حليم ( عبدالحليم ) شقيق إسماعيل باشا الوريث الشرعي لعرش مصر حسب نظام الوراثة المعمول به منذ عهد محمد على باشا ، وذلك لإلهائه عن المطالبة بالعرش .و هنالك ركز الماسونيون اهتمامهم بالأمير حليم نظرا لحماسه الشديد للنشاط الماسوني في مصر .. و كان قد أتم تعليمه أيضا في فرنسا , في كلية " سان سيتر " العسكرية مع إسماعيل باشا وعاد إلى مصر عام 1845 وهو يعتصر ماسونية , واختاره الماسونيون " استاذا كبيرا " لهم في محفل " الشرق الأكبر الماسوني المصري " عام 1867 , وتحول قصره في شبرا إلي محفل ماسوني ، بل حضر ولي عهد بريطانيا حفل تنصيبه في ذلك القصر .وكان معظم أعوان الأمير " حليم " من الماسونيين الإيطاليين والفرنسييين واليهود , ومن بين اليهود الخطيرين والذين لعبوا دورا هاما في نشر الماسونية في مصر تلميذ الأمير " حليم " المدعو " يعقوب صنوع " و " حسن موسى العقاد " أحد كبار تجار القاهرة ..
أوربا تصطاد اسماعيل :كانت انجلترا وفرنسا قد وضعتا خطة عام 1852 لخنق مصر اقتصادياً ، ليكون هناك سبب لإرسال الحملة البريطانية لتحتل مصر فيما بعد في مقابل احتلال فرنسا للجزائر.وبدأت أوروبا تتخذ من اليهود وسيلة لإيقاع " إسماعيل " في فخ الديون , و لكون اسماعيل باشا كان قد بلغ درجة عالية من الماسونية حتى قيل انه " راعي الماسونية " في مصر , فقد أصدر أمرا بتشكيل وزارة يرأسها الماسوني " نوبار باشا " وهو الذي شارك في إغراق اسماعيل باشا في ديون ضخمة جدا, و نوبار هذا أسهم ـ بشكل كبير ـ في إنشاء المحافل الماسونية في مصر , و كذلك كان هو من أشرف على حفر قناة السويس .وفرض البيت المصرفي الإنجليزي أول قرض على مصر بمبلغ 3 مليون جنيها استرلينيا بفوائد كبيرة , وسلم " إسماعيل باشا " الأمر لليهود المختصين في وزارة ماليته طوال 12 سنة , ونجحوا مع المصارف البريطانية من فرض 7 قروض أخرى على مصر .وفي عام 1875 بلغت ديون مصر حوالي 100 مليون جنيه استرليني , مما أدى إلى خلق حالة من إفلاس للحكومة المصرية , وكان ذلك بسبب إنشاء دار للأوبرا تشبه ما هو موجود في باريس وروما , وإنشاء 20 قصرا من أعظم قصور العالم منها قصر عابدين وقصر القبة , ورأس التين والمنتزه وغيرها .. ليتوارثها أولاده وأحفاده من بعده بالإضافة إلى المصاريف الضخمة التي صرفت على الحفلة الشبه خرافية التي أقامها لافتتاح قناة السويس عام 1869 ...الخطة المشتركة "البريطانية الفرنسية" لاحتلال مصر :
اتفق اليهودي العالمي ديزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت مع فرنسا أن تعمل على تسليم مصر للاحتلال البريطاني مقابل أن تترك انجلترا دول المغرب للاستعمار الفرنسي .واستغل " دزرائيلي " سيطرة اليهود على شئون الخديوي إسماعيل وتغلغلهم في داخل الشئون المالية والاقتصادية في البلاد , وعن طريقهم أقنع الخديوي إسماعيل بضرورة بيع حصته في أسهم قناة السويس مقابل 4 ملايين جنيها استرلينيا ..
"
دزرائيلي " هذا هو يهودي متعصب تظاهر باعتناق الدين المسيحي من أجل أن يتولى رئاسة الوزراء حسب الدستور البريطاني .واتصل " دزرائيلي " سرا ً بـ " آل روتشيلد " في فرنسا وحصل منهم على قرض ليستغله في إغراق الخديوي إسماعيل في ديونه التي زادت عن حدها , وكانت الخطة قد وضعتها انجلترا بالاتفاق مع فرنسا على أساس إغراق مصر في ديون تعجز عن سدادها ويكون ذلك سببا لتقدم القوات البريطانية لاحتلال مصر , وقد ساهم يهودي فرنسي يدعي " ناتانيل " من أقارب " روتشيلد " في إرباك الاقتصاد والشئون المالية في مصر " مما جعله يستحق أن ينال لقب " بارون " على ذلك العمل المجيد " .و اسرفت حكومة إسماعيل بسياساتها الحمقاء في القروض غير المبررة ، مما فتح الباب على مصراعيه لانجلترا للتدخل في شؤون البلاد ، وبدأت عواقب هذا الإسراف تظهر للعيان رغم ما بذلته الحكومة لإخفائها بمختلف الوسائل .
بداية التدخل الانجليزي :
يمكننا أن نحدد أواخر سنة 1875 ، وأوائل سنة 1876 كبدايةٍ للتدخل الأوربي ، إذ حدث من مظاهره وقتئذ :ـ شراء إنجلترا أسهم مصر في القناة بأربعة ملايين جنيه ، فقد استغل اليهودي العالمي " دزرائيلي " ـ رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت ـ سيطرة اليهود على شئون الخديوي إسماعيل وتغلغلهم في داخل الشئون المالية والاقتصادية في البلاد , وعن طريقهم أقنع الخديوي إسماعيل بضرورة بيع حصته في أسهم قناة السويس مقابل 4 ملايين جنيها استرلينيا .. ـ ثم كان قدوم بعثة المستر " كيف " الإنجليزية لفحص مالية مصر .ـ ثم توقف حكومة اسماعيل عن اداء أقساط ديونها، وما اعقب ذلك من إنشاء صندوق الدين في مايو سنة 1876 0
هذا التدخل كان من الأسباب الجوهرية التي حفزت النفوس إلي التبرم بنظام الحكم ، والتخلص من مساوئه ، لأن سياسة الحكومة هي التي أفضت إلي تدخل الدول في شؤون مصر وامتهانها كرامة البلاد واستقلالها .الفرصة الافغانية :
و هنا كانت الفرصة الذهبية للافغاني لمهاجمة القصر الملكي ، والدعوة الى الثورة على القصر وحلفائه الانجليز، و من ثم التمهيد للثورة العرابية التي أدت بالبلاد للوقوع في يد المحتل الاجنبي
و ابتدأ الافغاني هذا الاسلوب منذ عام 1876م ، بينما استخدم الافغاني من أجل ذلك تلاميذه من نواب مجلس الشورى ، وعلى رأسهم عبد السلام بك المويلحي ( باشا ) ، الذي يعد من كبار تلامذته .كما استخدم الافغاني لذلك الصحف السياسية التي كان يشرف عليها تلامذته مثل سليم نقاش واديب اسحاق النصرانيين و عبدالله النديم صاحب جريدة "التبكيت و التنكيت"، بل حتى الصحف الهزلية مثل يعقوب صنوع اليهودي ،و الذي اشتهر باسمه الهزلي "ابو نظارة " .يقول سليم بك العنجوري أحد أدباء سورية و تلميذا الافغاني حين زار مصر ووصف مكانة السيد بقوله : " في خلال سنة 1878 زاد مركزه خطراً وسما مقامه ، لأنه تدخل في السياسات وتولى رئاسة جمعية ( الماسون ) العربية وصار له أصدقاء وأولياء من أصحاب المناصب العالية ، مثل محمود سامي البارودي الذي نفي اخيراً مع عرابي إلي جزيرة سيلان ، وعبد السلام بك المويلحي النائب المصري في دار الندوة ، وأخيه إبراهيم ( المويلحي ) كاتب الضابطة ، وكثر سواد الذين يخدمون افكاره ، ويعلون بين الناس مناره ، من أرباب الأقلام ، مثل الشيخ محمد عبده ، وإبراهيم اللقاني ، وعلى بك مظهر ، والشاعر الزرقاني ، وأبي الوفاء القوني في مصر ، وسليم النقاش ، وأديب اسحق ، وعبد الله النديم في الإسكندرية".الافغاني و توفيق باشا (1879-1892م):
ـ عمل جمال الدين الأفغاني من خلال علاقاته الماسونية باستمالة ولي العهد توفيق ، إذ كان توفيق ماسونياً من النخبة ، إذ ترأس ـ فيما بعد ـ المحفل الماسوني ، و قام الإنجليزـ بدورهم ـ بالاتصال بالسلطان العثماني الذي أصدر فرمانا بعزل اسماعيل باشا في يونيو 1879 وتولية ابنه " توفيق " حكم مصر .ـ فلما وُلِّي توفيق باشا ـ بعد ذلك ـ ظهرت المحافل الماسونية الفرنسية والانجليزية والمصرية في جميع أنحاء مصر وانتقل النشاط الماسوني إلى القاهرة ، بعد أن كانت المحافل الماسونية منحصرةً في الاسكندرية ، و التي كانت مركز الماسونية في مصر حتى عام 1879. ـ و حين تولى الخديوي توفيق ـ تلميذ الافغاني ـ الحكم أحس بخطورة الأفغاني وما يبثه من أفكارـ أو هكذا قيل ـ ، فأصدر أمره بنفيه من البلاد ، " أو هكذا كانت الحبكة الحوارية " لطريقة إخراج الافغاني من مصر ، ليستمر في نشاطاته الماسونية ، من نسج للمؤامرات واسقاطٍ للأنظمة ، خارج الديار المصرية .لقد تولى "توفيق باشا" بناءً على وساطة بريطانية ، في عهد التدخل البريطاني ، فهو بذلك تحت طائلة الانجليز.و لنا أن نتساءل لماذا يقوم الانجليز باخراج رجلهم الاول و لاعبهم المفضل في المنطقة ؟؟؟
إلا إذا كان ذلك خوفاً عليه من غوائل و نتائج الحركة العرابية ، في حين قد لاحت لهم في الأفق مهمات أُخَر .و من زاوية أخرى : كانت المهمة الأصعب من الناحية التخطيطية و التجهيزية للمؤامرة قد انتهت ، و لم تبقَ إلاَّ النواحي التنفيذية و العسكرية و كان الجيش الانجليزي في الميدان ، وسفنه تمخر قناةالسويس جيئةً و ذهاباً .لِيُقبََِض ـ حينذاك ـ على الأفغاني في ليلة الأحد سادس رمضان سنة 1296 - 24 أغسطس سنة 1879 ، وهو ذاهب إلي بيته هو وخادمه الأمين ( أبو تراب ) ، ليُحمَلَ في الصباح في عربة مقفلة إلي محطة السكة الحديدية ، ومنها نقل تحت المراقبة الشديدة إلي السويس ، وانزل منها إلي باخرة اقلته إلى الهند ، وسارت به إلي بومباي ، و إثر ذلك قامت الحكومة بنشر بلاغ رسمي من إدارة المطبوعات بتاريخ 8 رمضان سنة 1296 ( 26 أغسطس سنة 1879 م ) ذكرت فيه نفي السيد بعد أن نسبت إليه السعي في الأرض بالفساد ، و أنه " رئيس جمعية سرية من الشبان ذوي الطيش مجتمعة على فساد الدين والدنيا " ، وحذرت الناس من الاتصال بهذه الجمعية .و بذلك تم نفيه خارج مصر ؛ و لكن بعد أن تمكن تلامذته من البلاد من جميع الأصعدة ، وعلى كافة المستويات ، بل كان بعض تلامذته أعضاء في مجلس الوزراء ، مثل تلميذه محمود سامي البارودي ناظرالأوقاف حينذاك و رئيس الحكومة فيما بعد .
آلية الخطة المشتركة :
كانت الخطة الانجليزية الفرنسية الافغانية تقضي بافتعال ثورة وطنية فاشلة ضد حكم اسماعيل الفاسد ، ليتم بعد ذلك احتلال بريطانيا لمصر بحجة حماية مصالحها و مواطنيها ،وهو ماكان بالضبط من خلال ثورة عرابي الذي أوقعته السياسة الاوربية في حبائلها عن طريق وكيلها المعتمد الدائم السيد جمال الدين الافغاني ، و الذي غادر الى الهند ، و ترك مخطط "بيع مصر" في أيدٍ "غير أمينة " ليشرف على تنفيذه كل من الانجليز ، و تلميذه الخديوي توفيق ، و باقي تلامذته من الماسون "الوطنين" و على رأسهم الماسوني العريق الشيخ محمد عبده الذي كان يشرف على تلميذه "المخدوع" أحمد عرابي .الثورة العرابية :
-
كانت القشة التي قصمت ظهر البعير و الشرارة و التي استوجبت الثورة العرابية هي مظالم عثمان رفقي ناظر الجهادية ( وزير الحربية ) في عهد توفيق ضد الجنود والضباط المصريين مما دفع بالضباط المصريين بقيادة عرابي للمطالبة برفع الظلم عنهم و إقالة رفقي ، فأرسلوا رسالة إلى رياض باشا ناظر النظار ( رئيس الوزراء ) يطالبونه فيها بعزل عثمان رفقي ( وزير الحربية ) التركى المتغطرس ويطالبونه فيها بمساواة المصريين بأقرانهم من الأتراك ووقع على الرسالة الزعيم احمد عرابى وعبد العال حلمى وعلى فهمى فتمَّ لهم ذلك بعد مصاولات . ـ وفي يوم الجمعة 9 سبتمبر 1881 م حاصر احمد عرابى مع ضباطه وجنوده قصر عابدين ليطالب الخديوى توفيق بحقوق الأمة المصرية ومساواة المصريين بالأجانب وهو ما جعل الخديوى يرد عليه بقوله :
"
كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي واجدادى وما انتم إلا عبيد احساننا " في مسرحية ماسونية مكشوفة. ـ يقول الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله في رسالته القيِّمة : "كيف احتل الانجليز مصر "
(
كان الإنجليز و الفرنسيون يرقبون الأحداث بغبطة وسرور! وكانوا يوعزون من خلف الستار إلى عرابي أن : امض في طريق "الإصلاح"، ولا تخش أحدًا! ومن ذلك ما ذكر محمد عبده في مذكراته عن الثورة العرابية –وهو أحد أقطابها- من أن قنصل فرنسا ( أرسل إلى أحمد عرابي وإخوانه يقول لهم: إنه يسره ما يراه من صلابتهم وعزيمتهم، واشتدادهم في المطالبة بالعدل، فعليهم أن يثبتوا في مطالبهم ولا يُضعفهم ما يُهَددون به) ! (الأعمال الكاملة لمحمد عبده، 1/528، 531) .و( أرسل إلى عرابي كتابًا يمدحه فيه على ثباته، ويشجعه على عدم المبالاة بالحكومة ). (مصر المجاهدة في العصر الحديث، عبد الرحمن الرافعي، ص 34) .أما إنجلترا فكانت تفعل الأمر نفسه بل أشد، من خلال جاسوسها المدعو: " بلنت" الذي كان يجوس بلاد مصر يؤلب الناس على الحكم، ويراسل عرابي ويستحثه على مواصلة الضغط على الحكومة لعلها تستجيب لمطالب "الإصلاح"! ، وهدفه الحقيقي فصل مصر عن الدولة العثمانية تمهيدًا لاحتلالها .يقول الدكتور محمد محمد حسين –رحمه الله- عن "بلنت" هذا: (كان لا يفتر عن التنقل بين مضارب الأعراب في مصر.. يدعو المصريين إلى الثورة، ويتكلم بعد وقوعها باسم عرابي، ويقدم له صورًا مضللة عن صفته الرسمية، وقدرته السياسية، وقوة الجيوش الإنجليزية..). (الإسلام والحضارة الغربية، ص 66).ويقول الأستاذ مصطفى غزال عنه : ( كان من أشد الناس تفانياً في مصالح الإنجليز، رغم أنه يتظاهر بصداقته للشرق المتمثل بالشعوب التابعة لتركيا، وبعدائه للحكومات البريطانية، بل كان أحيانًا يتظاهر بالدفاع عن قضايا الشعوب الشرقية، ويقف بجانبهم، كما وقف بجانب عرابي، ودافع عنه بعد أسره، كان هذا نوعًا من الدهاء والحنكة الإنجليزية).( دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام، ص 123). أحس الخديو توفيق بالخطر فلجأ إلى الإسكندرية طالباً من الإنجليز المتربصين بسفنهم في البحر حماية عرشه ! مع ضغطه هو والإنجليز على السلطان العثماني لإصدار منشور في عصيان عرابي ؛ لكي ينفض الناس عنه .
-
افتعل الإنجليز مذبحة للنصارى في الإسكندرية ليتخذوها ذريعة لاحتلالها عام (1882م) بدعوى حماية رعاياهم !قبل أن تتم المصالحة بين عرابي والدولة العثمانية .
-
تعاون المنافقون الخونة من أبناء مصر مع الإنجليز ، ومكنوا لهم من احتلال البلاد بعرض من الدنيا قليل !
-
لم يستجب عرابي للناصحين الذين حثوه على سد قناة السويس لكي لا يتسلل منها الإنجليز إلى عمق الأراضي المصرية ؛ منخدعاً –كما سيأتي- بتطمينات المهندس الفرنسي صاحب امتياز القناة .
-
قضي على الثورة العرابية بعد أن أوقعت البلاد بيد الاحتلال الإنجليزي ، الذي استمر أكثر من 70 عاماً !! (1882 – 1956م). رغم ادعاءاتهم وتصريحاتهم المتكررة بأنهم سيخرجون حالما يعود الهدوء والأمن للبلاد !! انتهى عن رسالة "كيف احتل الانجليز مصر " للشيخ سليمان الخراشي .ـ و كان من المفاجآت خلال حصار القاهرة وقوف البكباشي محمد عبيد صامدا برجاله الثلاثة آلاف مقاتل من المصريين ببنادقهم العتيقة فى وجه جيش الإمبراطورية الإنجليزية التى لا تغرب عنها الشمس بكل أسلحته ومدافعه ليستشهدوا جميعاً في ساحة المعركة .
-
يقول الشيخ الخراشي حفظه الله:
(
بعد أن تمكن الإنجليز من البلاد المصرية عاثوا فيها فساداً في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، مستعينين في ذلك كله بالمتعاونين معهم من أفراد الطابور (الخامس) ؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد عبده الذي كان له ولتلاميذه من بعده الدور الأول في تغريب البلاد وترويضها لقبول مطالب الاحتلال .
-
استمر الخديوي توفيق في الحكم ، ثم جاء بعده ابنه عباس حلمي (1892 – 1914) ثم حسين كامل ابن إسماعيل (1914م – 1917م) ثم فؤاد بن إسماعيل (1917م – 1936م)، ثم الملك فاروق ابن فؤاد (1936-1952م) . وجميع هؤلاء الحكام لم يكن لهم عقد ولا حل، إنما كانوا واجهة شكلية أمام الناس، وأما السلطة الحقيقية فكانت بيد الإنجليز) انتهى عن رسالة "كيف احتل الانجليز مصر " للشيخ سليمان الخراشي .

ليست هناك تعليقات: