وبدء موسم محرم.. موسم الخرافات.. وموسم ادخال العقل الشيعي في غيبوبة
كتابات - صائب حسين كاتب شيعي
مواكب لطم, زنجيل, تطبير, مجالس عزاء , تمن وقيمة, هريسة, رواديد, قدور طبخ مفحمة, خبر العباس, ليلة الحجة, تشابيه, تماثيل, شناشيل و اعلام خضراء وحمراء وصفراء وبقية الالوان, سماع لطميات في كل مكان, مسيرات مليونية الى كربلاء, مواكب تزحف على الايدي والاقدام, تعطيل حركة الدولة, استنفار الاجهزة الامنية, غلاء الاسعار, وقف الانتاج, حالة من التراخي لدى الناس, عدم رغبة في العمل.. هذه هي المفردات التي تعبر عن الواقع عندما يبدأ شهر محرم, وساكون شاكرا لمن تحضره غيرها من المفردات ان يعلمني بها.في الواقع ليست هناك امة على الارض تدخل عقلها في غيبوبة لتنطلق في فضاءات الخرافة ولمدة طويلة كما تفعل الامة الشيعية منذ مئات السنين حتى بلغ الامر في السنوات الاخيرة حدا لا يطاق يكون معه من الواجب الاخلاقي على الاقل لكل صاحب قلم ان يكتب ما يجود به قلمه لوقف زحف ألوية التجهيل والعقائد الفاسدة التي ابتليت بها الامة العراقية شر ابتلاء.البعض وفي محاولة يائسة يحاول الربط بين هذه الممارسات التي ما انزل الله بها من سلطان وبين الاسلام وشعائره, ويتبجح البعض الاخر فيسميها شعائر حسينية حتى ان بلغ عمار الحكيم مبلغا من السفه قال معه في احدى خطبه الهرائية..
’’الشعائر الحسينية مشروع صمم له أهل بيت النبي محمد (ص)’’ ولم يذكر لنا كيف صمم له اهل البيت (ع)؟ هل جلسوا مجتمعين ووزعوا الادوار واعطوا الحسين دور الشهيد لكي يبكي عليه الشيعة ويلطموا الصدور ويطينوا الرؤوس ابد الدهر ؟
انه ايحاء خبيث للبسطاء بان هذه الخرافات, هذا الجهل, هذه الضلالة التي نحن عليها هي مما يريدها الحسين (ع).هل خرج الحسين لكي نلطم عليه؟ هل خرج لكي نضرب الصدور ونشج الرؤس, هل خرج لكي نزحف على الاربع ونخرج في مواكب الزهراء؟ هل خرج لكي نطبخ ( التمن والقيمة) ونوزعها يوم العاشر لكي ترمى في اليوم التالي اما لكثرة الطعام المبتذل لسوء النوعية او لعدم طبخه بشكل كامل بسبب السرعة؟ هل خرج الحسين لكي نقطع ما تبقّى من اشجارنا لنطبخ عليها قدور الطعام بهذا الشكل البدائي المتخلف وندمر بيئتنا؟ هل خرج الحسين لكي نعطل حركة الامة ونوقف عجلة التنمية (ان وجدت) لاسابيع مرة بسبب المشي ومرة بسبب مواكب اللطم واخرى بسبب غلق الشوارع حفاظاً على امن الزائرين؟ حتى اصبحت من الانجازات التي تفتخر بها وزارة الداخلية انجاز موسم زيارة امام ما دون حوادث امنية! وما اكثر هذه المناسبات في العراق الجديد, وهكذا يتم العبث بمقدرات الامة وتستنفر طاقات الدولة من اجل توفير جو للجهلاء لمواصلة جهلهم بدلا من تسخيرها للبناء والاعمار!
ماذا ينفع ان تمشي الى كربلاء وانت تدمر البيئة وتلقى بالنفايات على طول الطريق؟ ماذا ينفع المشي وانت تهلك كل زرعة مررت عليها وتحرق كل شجرة قائمة اما للطبخ او لعمل الشاي (على الحطب) او للاستدفاء بنارها؟ ماذا ينفع المشي الى كربلاء وانت عدو للحسين فتسرق وتنهب وتغش في السوق, ماذا ينفع المشي واللطم وانت تبيع بلدك الى جمهورية الضلالة في ايران؟ ماذا تنفع المواكب وان حرامي تسرق قوت ابناء جلدتك (من الحصة التموينية)؟ ماذا ينفع جلد ظهرك وانت تقتل ابن محلتك على الهوية؟ ماذا ينفعك اللطم وانت تخطف ابن تاجر مدينتك لتبتز منه بعض المال الحرام؟
انهم خطباء الضلالة امثال عبد الحميد المهاجر الذي يردد احاديث ما انزل الله بها من سلطان مثل من بكى او تباكى على الحسين غفرالله ذنوبه ولو كانت بعدد قطرات البحار وحبات الرمال.. والذي يقول ايضا ان ليلة العاشر هي ليلة طلب الحوائج فاطلب ايها المؤمن ما بدا لك!! وعجبي انه كل هذه الملايين تطلب الامن والامان وتبكي وتتباكي ولا يستجاب لها! هل خذلهم الحسين؟ اما كان الاولى الطلب من خالق الحسين ورب الحسين ورب جده رسول الله(ص)؟
سؤال بسيط لكل هؤلاء اللطامة والمطبرين والمزنجلين: اين الحسين الان حسب عقائدكم ؟ اليس هو سيد شباب اهل الجنة؟ الجواب نعم دون شك لوجود احاديث كثيرة لدى كافة المذاهب بذلك. اذاً.. هو في الجنة في النعيم ينعم مع حور العين! في حين نحن نبكي ونتباكى ونلطم ونشج الرؤوس ونجلد ظهورنا بالسلاسل ونزحف على الاربع ونقيم الدنيا ولا نقعدها كل سنة, ننفق الاموال بعبثية وبذخ, نسطّر الخرافات ونروي قصصا من نسج الخيال حول واقعة كربلاء لنصدقها ونريح انفسنا بعد كل جولة لطم سريالي وبعد كل جلسة مراسيم ماسوشية. هل يعقل اننا نعمل كل هذا والحسين ينعم في الجنة وفي عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ اليس هذا غاية الجنون والحمق والسفه؟
ان مثل هذا الامر كمثل امرأة تالمت في ولادة طفلها ولكنه كبر واصبح رجلاً ولكنها مازالت تبكي على آلام الولادة, رغم ان الامر انتهى ولكنها تصر على ان تتذكره وتبكي عليه فما اعجب هذا الامر!!حسنا سيتحدث بعض المتفلسفين عن قيم عاشوراء كالتضحية والايثار والفداء والشجاعة والامانة والزهد عن الدنيا, عن مفاهيم ثورة يفترض ان الحسين(ع) قام بها. ولكن لنسأل اين مصاديق هذه القيم على ارض الواقع بل ولدى من يتحدث عنها اولا ويملأ الدنيا ضجيجاً بخطب ومحاضرات ومنابر وروزخونيات؟.الحكم منذ 2003 بايدينا نحن الشيعة ولكن ماذا قدمنا من هذه القيم لنعبر بالعراق الى بر الامان؟ اين قيم الايثار لدى الجعفري عندما تمسك بالسطلة 4 اشهر قبل ان يتنازل عنها مرغماً عام 2006؟ اين قيم الاخلاص لدى المجلس الاعلى وهو يوالي ايران الشر من أجل دعمه للحصول على مقاعد اكثر في البرلمان, أين احترام الموتى لدى جلال الدين الصغير وهو ينبش قبور مسلمين دفنوا في مقبرة براثا ( المعروف باسم مقبرة المنطكة في العطيفية) تصوروا من اجل ان يبني قاعة للطم او ملطم!! اين قيم الشجاعة لدى جيش المهدي وهو يختطف ابناء بلده العزل ليقتلوا شر قتلة ويلقوا بجثثهم في الطرقات فقط لان اسمائهم عمر او عثمان؟ اين قيم الامانة لدى السيستاني واموال الخمس العراقية توزع على كل اقطار الدنيا ويبنى بها قاعات رياضية في ايران ومؤسسات ترفيهية في شتى اقطار الدنيا عدا العراق وفقراء العراق فهم خارج دائرة الاهتمام ولا معيل لهم الا الله تعالى هو حسبهم ونعم الوكيل. اين الزهد عن الدنيا لدى المعممين وخطباء المنابر والملايات والرواديد وهم حولوا الموسم الى بورصة للخطابة واظهار القدرة على من يبكّي اكثر عدد من الجهلاء حتى اخذوا يطلبون اموالاً طائلة لاحيا مجلس عزاء؟ أين امانة عادل عبد المهدي وهو يحمي لصوص وقتلة مصرف الزوية؟ اين اخلاص عمار الحكيم وهو يطعن حكومته التي هو ينتمي اليها بخنجر مسموم في الظهر ليزور سوريا في الوقت الذي ترسل لنا هذه الاخيرة شاحنات محملة بالموت الزئام لتحصد اروح الابرياء في شوارع وازقة بغداد؟
الواقع ان الكل هو نسخة سيئة من عمر بن سعد فعمر بن سعد كان اصدق مع نفسه عندما أنشد قائلاً:
دعاني عبيد الله من دون قومه إلى خطـة فيهـا خرجت لحيني
فـوالله ما أدري وإني لحائـر أفكر في أمـري علـى خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي أم ارجع مأثومـا بقتـل حسين
حسين ابن عمي و الحوادث جمة لعمري ولـي في الري قرة عيـن
فإن كنت أقتلـه فقد فاز موعدي يقينـا وأعلـو عـالـم الجيشيـن
وأن أله الـعـرش يغفـر زلتي ولـو كـنـت فيهـا أظلـم الثقلين
ألا إنـما الـدنيا بخيـر معـجل ومـا عـاقل بـاع الوجـود بدين
يقولـون إن الله خالـق جـنـة و نار وتـعذيـب وغــل يديـن
فإن صـدقوا فـيما يقولون إنني أتـوب إلـى الرحمان مـن سنتين
فهو يعترف انه مقبل على عمل اثم وانه مولع بحب الدنيا ويعترف ايضا ان الله غفور رحيم, فطمعه في مغفرة الله سوّل له ان يساهم في قتل الحسين(ع).. ولكن دعاة اللطم والتطبير اليوم لا يعترفون بشي من ذلك ويتخذون من الحسين ومن واقعة الطف مطية للوصول الى غاياتهم الدنيئة, فلكل منهم امنية وقرة عين لا يصل اليها الا بالركوب على ظهور هؤلاء البسطاء والمغفلين الذين دفعهم حبهم لاهل البيت الى التصديق بشيخ اصابه الخرف مبكراً مثل عبد الحميد المهاجر الذي خرج علينا مؤخرا بتفسير جديد لحروف (كهيعص) فقال: (كاف: كربلاء, هاء: هلاك العترة: ياء: يزيد اللعين, عين: عطش الحسين, صاد: صبر الحسين) وهو ما يعكس حالة الخرف المبكر الذي يعاني منه هذا الشيخ الى الحد الذي سمح لنفسه العبث بمفردات القران وتاويله لتنسجم مع مخيلته المريضة ولانتاج ابعاد جديدة من الخرافة تضفي على روايات ما يسمى المنبر الحسيني بعض الجديد للحليولة دون اصابة المتلقين بالملل لكثرة تكرار نفس الروزخونيات كل عام مئة مرة.
الكل فرح بالدور الذي يلعبه في ذكرى عاشوراء.. انها مسرحية جماعية او فلما سينمائيا يشد الجميع اليه ومن لايشترك فيه فهو الخاسر!
من الطفل الصغير الذي يقف متفرجا على مشاهد التشابيه ( تمثيل الواقعة بشكل مسرحي) الى اكبر مرجع الكل ينتفع من عاشوراء والكل يريده ان يستمر الى ما لانهاية.. ببساطة لان الكل يرائي في هذا اليوم.. وان وجدت مخلصاً لمبادئ الحسين فحتما لن تجده يرفع السيف ليطبر نفسه او يطبر طفله الذي لم يبلغ الحلم بل يطبر حب الدنيا والرئاء في نفسه ذلك الحب الذي اعمى بصيرة عمر بن سعد في واقعة الطف من اجل قرة عينه ملك الري.
ومرة اخرى فلكل مشارك في ذكرى عاشوراء قرة عين فالطفل قرة عينه رؤية تمثيلية عاشوراء والتمتع بفصولها ثم الحصول على مغانم المواكب, واللاطم قرة عينه اللطم وكيف ينزع ملابسه ليعرض عضلاته المفتولة علّه يظهر على احدى الفضائيات ليشاهده اهله واصحابه, والرادود قرة عينه المنبر وسماع صوته يطرب ويبكي مستمعيه, والملاية قرة عينها مجلس العزاء (القراية) وهي تبدأ طقوسها بعبارة (حو ياحسين) لتلفظ عبارات لا معنى لها ولايقبلها العقل الهدف منها اذكاء الحماس لدى اللاطمات واللاتي بدورهن قرة اعينهن ان يلتقين مع بعضهن ليتحدثن عن هذه وتلك ولعرض اخر صرعة حلي او موضة ملابس باللون الاسود, والمطبّر قرة عينه السيف الذي يحمله ورؤية الدم الذي يسيل من راسه ليفتخر به امام اصحابه, وصاحب الموكب قرة عينه لافتة موكبه الذي ورثه عن ابائه واجداده ليحفظ سمعة العائلة, وباذل الطعام قرة عينه طعامه الذي يقدمه وسماع اطراءأت الناس عن لذة طعامه وجودة الرز الذي استعمله في الطبخ على حطب اشجارنا اليتيمة, والخطيب الذي يرتقي المنبر قرة عينه المايكروفونات التي امامه والشعارات التي عليها والتي ترمز الى الفضائية التي ستنقل عبقريته في تحليل الواقعة وتنافسه مع اقرانه ايهم اكثر تاثيرا وابكاءاً للناس, ورئيس الحزب قرة عينه عدد التابعين له والسائرين في موكب الحزب في مسيرة المشي الى كربلاء والمرجع قرة عينه ازدياد مقلديه باسم الحسين اذ يتجنب الافتاء بحرمة ايذاء النفس والعبث بالعقول وتشتيت وحدة المسلمين ووضع حدا للخرافات والاساءة للاسلام, والفضائيات قرة عينها ان يرتفع عدد مشاهديها ويعلو اسمها حتى ولو على حساب بث مالا يتطابق مع مبادئها وتوجهاتها وغير ذلك كثير.. فكل من يشترك في كرنفال عاشوراء هو في الواقع نسخة سيئة من عمر بن سعد, له قرة عين يسعى للوصول اليها كل سنة حتى ولو على حساب قتل الحسين في ذكراه مرة بعد اخرى ولذلك ستبقى هذه كارثة هذه الخرافات قائمة متجددة كل سنة بوهج اكبر لازدياد عدد المتنفعين منها وستبقى هذه الامة مخدوعة ومغلوبة على امرها باختيارها لانها باعت الحسين يوم حولت ذكراه من يوم للتضحية والايثار الى يوم للبكاء والعويل والتمثيل واختلطت عليها الوسيلة مع الغاية فتحولت الوسيلة الى غاية وضاعت الغاية في دهاليز فصول المسرحية التي تشترك فيها امة باكملها.
وربما لهذه السنة معناً خاصاً لتصادف ذكرى عاشوراء مع اعياد ميلاد المسيح ورغم الاختلاف الكبير بين المناسبتين الا ان اوجه الشبه كبيرة فبنفس الطريقة اخترع الناس بابا نؤيل وقضية الهدايا التي ياتي بها تجره عربته في السماء. فالكل يعلم ان لا وجود لشخصية اسمها بابا نؤيل او نيكولاس ولكن الكل يشترك في هذه المسرحية والكل يتمتع بها من الطفل الصغير الذي ينتظر بابا نؤيل بفارغ الصبر ليحصل على هديته.. الى الشركة الكبيرة التي تستغل المناسبة لتسويق الكثير من بضائعها, الفرق ان الاخرين يفرحون بالمناسبة ويتمتعون بالهدايا في حين اننا نلطم ونبكي ونشج الرؤوس..نسال الله ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق