ينبغي لمن صحب سلطاناً أو محتشماً أن يكون ظاهره معه و باطنه سواه ، فإنه قد يدس إليه من يخبره ، فربما افتضح في الابتلاء .
و قد كان جماعة من الملوك يقصدون تقريب المنادم ، و يجعلون له حجرة في دورهم ، فإذا أرادوا أن يختصوه اختبروه باطناً و ذاك لا يدري ، فيظهر منه ما لا يصلح فيطرد .
و لقد امتحن أبرويز رجلاً من خاصته ، فدس إليه جارية معها ألطاف ، و أمرها ألا تقعد عنده فحملها .
ثم أنفذها مرة أخرى و أمرها أن تقعد بعد التسليم هنيهة ففعلت ، فلاحظها
الرجل .
ثم بعثها مرة ثالثة و أمرها أن تطيل القعود عنده و تحدثه ، فأطالت الحديث معه ، فأبدى لها شيئاً من الميل إليها ، فقالت ، أخاف أن يطلع علينا ، و لكن دعني أدبر في هذا .
فذهبت فأخبرت الملك بذلك ، فوجه غيرها من خواص جواريه بمثل ذلك ، فلما جاءته قال : ما فعلت فلانة ؟ قالت : مريضة ، فاربد لونه .
ثم فعلت الجارية الثانية مثل ما فعلت الأولى ، فقالت له : إن الملك يمضي إلى بستانه فيقيم هناك .
فإن أرادك على أن تمضي معه فأظهر أنك عليل.
فإن خيرك بين الانصراف إلى دور نسائك ، أو المقام هنا ، فاختر المقام ههنا ، و أخبر أنك لا تقدر على الحركة .
فإن أجابك إلى ذلك جئت كل ليلة ما دام الملك غائباً ، فسكن إلى قولها ، ثم مضت و أخبرت الملك بذلك .
فلما كان بعد ثلاث ، إستدعاه الملك فقال : إني مريض . فعاد لرسول فأخبره فتبسم ، و قال : هذا أول الشر .
فوجه إليه محفة فيها إليه ، فلما بصر به أبرويز قال : و المحفة الشر الثاني .
فرأى العصابة على رأسه . قال : و العصابة الشر الثالث .
فقال له الملك : أيهما أحب إليك ، الانصراف إلى نسائك ليمرضنك أو المقام ههنا إلى وقت رجوعي ؟ قال : المقام ههنا أرفق لي لقلة الحركة ، فتبسم و قال : حركتك ههنا إن تركت أكثر من حركتك إلى منزلك .
ثم أمره له بعصا الزناة التي كان يوسم بها من زنا .
فأيقن الرجل بالأمر ، و أمر أن يكتب ما كان من أمره حرفاً حرفاً فيقرأ على الناس حرفاً حرفاً إذا حضروا ، و أن ينفي إلى أقصى المملكة ، و تجعل العصا على رأس رمح يكون معه حيث كان ، ليحذر منه من لا يعرفه .
فلما نفي أخذ من بعض الموكلين مدية فجب بها ذكره و قال : و مات من ساعته .
قلت : و قد كان جماعة من الأمراء يتنكرون يسألون العوام عن سيرتهم ، فيتكلم العامي بما لا يصح فيضبطونه و ربما بعثوا دسيساً عليه .
و رب كلمات قالها مسترسل فبلغها فضولي فأهلكت صاحبها .
و رأى عمر بن عبد العزيز رجلاً من العمال كثير الصلاة ، فدس عليه من قال له : إن أخذت لك الولاية الفلانية فما تعطيني . قال : أعطيك كذا و كذا ، قال له عمر : غررتنا بصلاتك .
و قد بلغت أن رجلاً كلم امرأة فأجابته فإستدعيته إلى دارها فلما دخل أقامت على قتله .
فقد ينجلي من هذه الحكاية أنه لا ينبغي أن يسكن إلى قول امرأة أو رجل يجوز أنه يكون جاسوساً و مختبراً .
و كذلك لا يظهر ما ينبغي إخفاؤه من مال أو مذهب ، أو سب رجل ، فربما كان له في الحاضرين قريب .
و لا يوثق بمودة لا أصل لها ، فربما كانت تحتها آفة تقصده .
و ليحذر من كل أمر يحتمل . و رب كلمة نقلها صديق إلى صديق فتحدث بها من لا يقصد أذى للقائل فبلغت فتأذى .
و رب مظهر للمحبة مبالغ حتى يستمكن من مراده .
فالحذر الحذر من الطمأنينة إلى أحد ، خصوصاً من عدو آذيته أو قتلت له قريباً .
فربما أظهر الجميل شبكة لإصطيادك كحديث الزباء .
و قد كان جماعة من الملوك يقصدون تقريب المنادم ، و يجعلون له حجرة في دورهم ، فإذا أرادوا أن يختصوه اختبروه باطناً و ذاك لا يدري ، فيظهر منه ما لا يصلح فيطرد .
و لقد امتحن أبرويز رجلاً من خاصته ، فدس إليه جارية معها ألطاف ، و أمرها ألا تقعد عنده فحملها .
ثم أنفذها مرة أخرى و أمرها أن تقعد بعد التسليم هنيهة ففعلت ، فلاحظها
الرجل .
ثم بعثها مرة ثالثة و أمرها أن تطيل القعود عنده و تحدثه ، فأطالت الحديث معه ، فأبدى لها شيئاً من الميل إليها ، فقالت ، أخاف أن يطلع علينا ، و لكن دعني أدبر في هذا .
فذهبت فأخبرت الملك بذلك ، فوجه غيرها من خواص جواريه بمثل ذلك ، فلما جاءته قال : ما فعلت فلانة ؟ قالت : مريضة ، فاربد لونه .
ثم فعلت الجارية الثانية مثل ما فعلت الأولى ، فقالت له : إن الملك يمضي إلى بستانه فيقيم هناك .
فإن أرادك على أن تمضي معه فأظهر أنك عليل.
فإن خيرك بين الانصراف إلى دور نسائك ، أو المقام هنا ، فاختر المقام ههنا ، و أخبر أنك لا تقدر على الحركة .
فإن أجابك إلى ذلك جئت كل ليلة ما دام الملك غائباً ، فسكن إلى قولها ، ثم مضت و أخبرت الملك بذلك .
فلما كان بعد ثلاث ، إستدعاه الملك فقال : إني مريض . فعاد لرسول فأخبره فتبسم ، و قال : هذا أول الشر .
فوجه إليه محفة فيها إليه ، فلما بصر به أبرويز قال : و المحفة الشر الثاني .
فرأى العصابة على رأسه . قال : و العصابة الشر الثالث .
فقال له الملك : أيهما أحب إليك ، الانصراف إلى نسائك ليمرضنك أو المقام ههنا إلى وقت رجوعي ؟ قال : المقام ههنا أرفق لي لقلة الحركة ، فتبسم و قال : حركتك ههنا إن تركت أكثر من حركتك إلى منزلك .
ثم أمره له بعصا الزناة التي كان يوسم بها من زنا .
فأيقن الرجل بالأمر ، و أمر أن يكتب ما كان من أمره حرفاً حرفاً فيقرأ على الناس حرفاً حرفاً إذا حضروا ، و أن ينفي إلى أقصى المملكة ، و تجعل العصا على رأس رمح يكون معه حيث كان ، ليحذر منه من لا يعرفه .
فلما نفي أخذ من بعض الموكلين مدية فجب بها ذكره و قال : و مات من ساعته .
قلت : و قد كان جماعة من الأمراء يتنكرون يسألون العوام عن سيرتهم ، فيتكلم العامي بما لا يصح فيضبطونه و ربما بعثوا دسيساً عليه .
و رب كلمات قالها مسترسل فبلغها فضولي فأهلكت صاحبها .
و رأى عمر بن عبد العزيز رجلاً من العمال كثير الصلاة ، فدس عليه من قال له : إن أخذت لك الولاية الفلانية فما تعطيني . قال : أعطيك كذا و كذا ، قال له عمر : غررتنا بصلاتك .
و قد بلغت أن رجلاً كلم امرأة فأجابته فإستدعيته إلى دارها فلما دخل أقامت على قتله .
فقد ينجلي من هذه الحكاية أنه لا ينبغي أن يسكن إلى قول امرأة أو رجل يجوز أنه يكون جاسوساً و مختبراً .
و كذلك لا يظهر ما ينبغي إخفاؤه من مال أو مذهب ، أو سب رجل ، فربما كان له في الحاضرين قريب .
و لا يوثق بمودة لا أصل لها ، فربما كانت تحتها آفة تقصده .
و ليحذر من كل أمر يحتمل . و رب كلمة نقلها صديق إلى صديق فتحدث بها من لا يقصد أذى للقائل فبلغت فتأذى .
و رب مظهر للمحبة مبالغ حتى يستمكن من مراده .
فالحذر الحذر من الطمأنينة إلى أحد ، خصوصاً من عدو آذيته أو قتلت له قريباً .
فربما أظهر الجميل شبكة لإصطيادك كحديث الزباء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق