سبحان من جعل الخلق بين طرفي نقيض ، و المتوسط منهم يندر .
منهم من يغضب فيقتل و يضرب .
و منهم من هو أبله بقوة الحلم لا يؤثر عنده السب .
و منهم شره يتناول كل ما يشتهي .
و منهم متزهد يتجفف فيمنع النفس حقها .
و كذلك سائر الأشياء المحمود منها المتوسط .
فالمنفق كل ما يجد مبذر ، و البخيل يخبىء المال ، و يمنع نفسه حظها .
و معلوم أن المال لا يراد لنفسه ، بل للمصالح ، فإذا بذر الإنسان فيه إحتاج إلى بذل و جهه و دينه ، و منه البخلاء عليه ، و هذا لا يصلح .
و لأن يخلف الإنسان لعدوه أحسن من أن يحتاج إلى صديقه .
و من الناس من يبخل ، ثم يتفاوتون في البخل حتى ينتهي البلاء بهم إلى عشق عين المال .
فربما مات أحدهم هزالاً و هو لا ينفقه ، فيأخذه الغير و يندم المخلف .
و لقد بلغني في هذا ما ليس فوقه مزيد ، ذكرته لتعتبر به .
فحدثني شيخنا أبو الفضل بن ناصر ، عن شيخه عبد المحسن الصوري ، قال : [ كان بصور تاجر في غرفة له يأخذ كل ليلة من البقال رغيفين و جوزة ، فيدخل إلى غرفته و قت المغرب ، فيضرم النار في الجوزة فتضيء بمقدار ما ينزل ثوبه .
و في زمان إحراق القشر تكون قد استوت فيمسح بها الرغيفين و يأكلهما .
فبقي على هذا مدة فمات ، فأخذ منه ملك صور ثلاثين ألفاً ] .
و رأيت أن رجلاً من كبار العلماء قد مرض ، فاستلقى عند بعض أصدقائه ، ليس له من يخدمه ، و لا يرافقه ، و هو مضر فلما مات و جدوا بين كتبه خمسمائة دينار .
و حدثني أبو الحسن الراندسي ، قال : [ مرض رجل عندنا ، فبعث إلي فحضرت ، فقال : قد : ختم القاضي على مالي ، فقلت : إن شئت قمت و فتحت الختم و أعطيتك الثلث تفرقة و تعمل به ما تشاء .
فقال : لا و الله ما أريد أن أفرقه ، بل أريد مالي أن يكون عندي . فقلت : ما يعطونك بلى أنا آخذ لك الثلث كي تكون حراً فيه .
فقال : لا أريد ، فمات و أخذ ماله ] .
قال : [ وجاء رجل فحدثني بعجيبة ، قال : مرضت حماتي ، فقالت لي : أريد أن تشتري لي خبيصاً ، فإشتريت لها ، و كانت ملقاة في صفة ، و نحن في صفة أخرى .
فجاءني ولدي الصغير و قال : يا سيدي ، إنها تبلع الذهب ، فقمت . و إذا بها تجعل الدينار في شيء من الخبيص فتبلعه .
فأمسكت يدها و زجرتها عن هذا .
فقالت : أنا أخاف أن تتزوج على إبنتي ، فقلت : ما أفعل ، فقالت إحلف لي ، فحلفت ، فأعطتني باقي الذهب ، ثم ماتت فدفنتها .
فلما كان بعد أشهر ، مات لنا طفل ، فحملناه إليها ، و أخذت معي خرقة خام ، و قلت للحفار : إجمع لي عظام تلك العجوز في الخرقة ، فجئت بها إلى البيت و تركتها ، في أجانة ، و صببت عليها الماء و حركتها ، فأخرت ثمانين ديناراً أو نحوها كانت قد إبتلعتها ] .
و حكى لي صديق لنا ، أن رجلاً مات و دفن في الدار ، ثم نبش بعد مدة ليخرج فوجد تحت رأسه لبنة مقيرة .
فسأل أهله عنها فقالوا : هو قير هذه اللبنة و أوصى أن تترك تحت رأسه في قبره و قال : إن اللبن يبلى سريعاً ، و هذه لموضع القار لا تبلى .
فأخذوها فوجدوها رزينة ، فكسروها فوجدوا فيها تسعمائة دينار فتولاها أصحاب التركات .
و بلغني أن رجلاً كان يكنس المساجد ، و يجمع ترابها ، ثم ضربه لبنا ، فقيل له هذا لأي شيء ؟ فقال : هذا تراب مبارك ، و أريد أن يجعلوه على لحدي ، فلما مات جعل على لحده ، ففضل منه لبنات ، فرموها في البيت ، فجاء المطر فتفسخت اللبنات فإذا فيها دنانير .
فمضوا وكشفوا اللبن عن لحده و كله مملوء دنانير .
و لقد مات بعض أصدقائنا و كنت أعلم أن له مالاً كثيراً ، و طال مرضه فما أطلع أهله علىشيء و لا أكاد أشك أنه من شحه و حرصه على الحياة ، و رجائه أن يبقى لم يعلمهم بمدفونه ، خوفاً أن يؤخذ فيحيا هو ، و قد أخذ المال .
و ما يكون بعد هذا الخزي شيء .
و حدثني بعض أصحابنا عن حالة شاهدها من هذا الفن . قال : [ كان فلان له و لدان ذكران و بنت و له ألف دينار مدفونة .
فمرض مرضاً شديداً فاحتوشته أهله ، فقال لأحد ابنيه : لا تبرح من عندي .
فلما خلا به قال له : إن أخاك مشغول باللعب بالطيور ، و إن أختك لها زوج تركي و متى وصل من مالي إليهما شيء أنفقوه في اللعب و أنت على سيتي و أخلاقي ، ولي في الموضع الفلاني ألف دينار ، فإذا أنا مت فخذها وحدك . فاشتد بالرجل المرض فمضى الولد فأخذ المال فعوفي الأب ، فجعل يسأل الولد أن يرد المال إليه فلا يفعل ، فمرض الولد فجعل الأب يتضرع إليه و يقول : ويحك خصصتك بالمال دونهم ، فتموت فيذهب المال ، و يحك لا تفعل ، فما زال به حتى أخبره بمكانه ، فأخذه ثم عوفي الولد ، و مضت مدة فمرض الأب ، فاجتهد الولد أن يخبره بمكان المال ، و بالغ فلم يخبره ، و مات و ضاع المال .
فسبحان من أعدم هؤلاء العقول و الفهوم ، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلوا سبيلا .
منهم من يغضب فيقتل و يضرب .
و منهم من هو أبله بقوة الحلم لا يؤثر عنده السب .
و منهم شره يتناول كل ما يشتهي .
و منهم متزهد يتجفف فيمنع النفس حقها .
و كذلك سائر الأشياء المحمود منها المتوسط .
فالمنفق كل ما يجد مبذر ، و البخيل يخبىء المال ، و يمنع نفسه حظها .
و معلوم أن المال لا يراد لنفسه ، بل للمصالح ، فإذا بذر الإنسان فيه إحتاج إلى بذل و جهه و دينه ، و منه البخلاء عليه ، و هذا لا يصلح .
و لأن يخلف الإنسان لعدوه أحسن من أن يحتاج إلى صديقه .
و من الناس من يبخل ، ثم يتفاوتون في البخل حتى ينتهي البلاء بهم إلى عشق عين المال .
فربما مات أحدهم هزالاً و هو لا ينفقه ، فيأخذه الغير و يندم المخلف .
و لقد بلغني في هذا ما ليس فوقه مزيد ، ذكرته لتعتبر به .
فحدثني شيخنا أبو الفضل بن ناصر ، عن شيخه عبد المحسن الصوري ، قال : [ كان بصور تاجر في غرفة له يأخذ كل ليلة من البقال رغيفين و جوزة ، فيدخل إلى غرفته و قت المغرب ، فيضرم النار في الجوزة فتضيء بمقدار ما ينزل ثوبه .
و في زمان إحراق القشر تكون قد استوت فيمسح بها الرغيفين و يأكلهما .
فبقي على هذا مدة فمات ، فأخذ منه ملك صور ثلاثين ألفاً ] .
و رأيت أن رجلاً من كبار العلماء قد مرض ، فاستلقى عند بعض أصدقائه ، ليس له من يخدمه ، و لا يرافقه ، و هو مضر فلما مات و جدوا بين كتبه خمسمائة دينار .
و حدثني أبو الحسن الراندسي ، قال : [ مرض رجل عندنا ، فبعث إلي فحضرت ، فقال : قد : ختم القاضي على مالي ، فقلت : إن شئت قمت و فتحت الختم و أعطيتك الثلث تفرقة و تعمل به ما تشاء .
فقال : لا و الله ما أريد أن أفرقه ، بل أريد مالي أن يكون عندي . فقلت : ما يعطونك بلى أنا آخذ لك الثلث كي تكون حراً فيه .
فقال : لا أريد ، فمات و أخذ ماله ] .
قال : [ وجاء رجل فحدثني بعجيبة ، قال : مرضت حماتي ، فقالت لي : أريد أن تشتري لي خبيصاً ، فإشتريت لها ، و كانت ملقاة في صفة ، و نحن في صفة أخرى .
فجاءني ولدي الصغير و قال : يا سيدي ، إنها تبلع الذهب ، فقمت . و إذا بها تجعل الدينار في شيء من الخبيص فتبلعه .
فأمسكت يدها و زجرتها عن هذا .
فقالت : أنا أخاف أن تتزوج على إبنتي ، فقلت : ما أفعل ، فقالت إحلف لي ، فحلفت ، فأعطتني باقي الذهب ، ثم ماتت فدفنتها .
فلما كان بعد أشهر ، مات لنا طفل ، فحملناه إليها ، و أخذت معي خرقة خام ، و قلت للحفار : إجمع لي عظام تلك العجوز في الخرقة ، فجئت بها إلى البيت و تركتها ، في أجانة ، و صببت عليها الماء و حركتها ، فأخرت ثمانين ديناراً أو نحوها كانت قد إبتلعتها ] .
و حكى لي صديق لنا ، أن رجلاً مات و دفن في الدار ، ثم نبش بعد مدة ليخرج فوجد تحت رأسه لبنة مقيرة .
فسأل أهله عنها فقالوا : هو قير هذه اللبنة و أوصى أن تترك تحت رأسه في قبره و قال : إن اللبن يبلى سريعاً ، و هذه لموضع القار لا تبلى .
فأخذوها فوجدوها رزينة ، فكسروها فوجدوا فيها تسعمائة دينار فتولاها أصحاب التركات .
و بلغني أن رجلاً كان يكنس المساجد ، و يجمع ترابها ، ثم ضربه لبنا ، فقيل له هذا لأي شيء ؟ فقال : هذا تراب مبارك ، و أريد أن يجعلوه على لحدي ، فلما مات جعل على لحده ، ففضل منه لبنات ، فرموها في البيت ، فجاء المطر فتفسخت اللبنات فإذا فيها دنانير .
فمضوا وكشفوا اللبن عن لحده و كله مملوء دنانير .
و لقد مات بعض أصدقائنا و كنت أعلم أن له مالاً كثيراً ، و طال مرضه فما أطلع أهله علىشيء و لا أكاد أشك أنه من شحه و حرصه على الحياة ، و رجائه أن يبقى لم يعلمهم بمدفونه ، خوفاً أن يؤخذ فيحيا هو ، و قد أخذ المال .
و ما يكون بعد هذا الخزي شيء .
و حدثني بعض أصحابنا عن حالة شاهدها من هذا الفن . قال : [ كان فلان له و لدان ذكران و بنت و له ألف دينار مدفونة .
فمرض مرضاً شديداً فاحتوشته أهله ، فقال لأحد ابنيه : لا تبرح من عندي .
فلما خلا به قال له : إن أخاك مشغول باللعب بالطيور ، و إن أختك لها زوج تركي و متى وصل من مالي إليهما شيء أنفقوه في اللعب و أنت على سيتي و أخلاقي ، ولي في الموضع الفلاني ألف دينار ، فإذا أنا مت فخذها وحدك . فاشتد بالرجل المرض فمضى الولد فأخذ المال فعوفي الأب ، فجعل يسأل الولد أن يرد المال إليه فلا يفعل ، فمرض الولد فجعل الأب يتضرع إليه و يقول : ويحك خصصتك بالمال دونهم ، فتموت فيذهب المال ، و يحك لا تفعل ، فما زال به حتى أخبره بمكانه ، فأخذه ثم عوفي الولد ، و مضت مدة فمرض الأب ، فاجتهد الولد أن يخبره بمكان المال ، و بالغ فلم يخبره ، و مات و ضاع المال .
فسبحان من أعدم هؤلاء العقول و الفهوم ، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلوا سبيلا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق