بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 يونيو 2011

عندما زرت بيت الله الحرام

أحسست بنشوه عجيبه وقد أكملت إحرامي من السيل الكبير وقد ضمخت نفسي بالطيب متجها الى مكة المكرمه أنزل من علٍ كانت الطريق بعيدةٌ جداً كنت متلهفاً لزيارة البيت الحرام شارك لساني في التلبيه عقلي ألذي بدأ يتذكر رحلته صلى الله عليه وسلم الى الطائف وقد أدماه قومه بدأنا بالصعود تاره وبالنزول تارة أخرى حتى رأيت منارات الحرم المكي التسعه فما فارقت النظر إليها حتى وصلت الى حيث أريد شاهدت جدرانه الرخاميه العاليه وأبوابه الكبيره وكأني أراها لأول مره كان هناك بعض رجال الأمن والمرشدين يقفون عند الأبواب وأعتقد أنهم لم يكونوا موجودين قبل حادثة جهيمان التي لا تٌنسى تلك الصفحه السوداء في تاريخنا الإسلامي المعاصر نزلت الأدراج مهرولا مشدودا رغماً عني نحو الكعبة المشرفه زادها الله تشريفاً يسبقني نظري اليها وربما دموعي أيضاً والتي حاولت إخفائها لكن أبت أن تطيعني رأيتهم يطوفون كلهم قد لبس إحرامه الا بعض النساء اللواتي تسربلن بلباس من الحياء جميل لو كن كذلك بعد أن يعد الى حياتهن التي خلفنها وراءهن رأيت مقام ابراهيم عليه السلام وقد اصطف بعض الرجال خلفه يصلون فصففت معهم وشرعت في صلاتي ولم يغب عن بالي رحلة إبراهيم عليه السلام الى هذا المكان يوم أن كان قاعاً صفصفاً من كل شيء الا من بعض الطيور التي كانت تحن الى هذا المكان ولازالت الى اليوم ترفرف بأجنحتها طوافاً فوق البيت العتيق آمنة من كل خوف فهاهم بعض الأطفال يرمون لهن الحب فيلتقطونه من على الأرض الرخاميه البيضاء وهاهن النسوه اللواتي يبعن الحب على مقربة من المكان وقد ازدحمت بسطاتهن بأطفال ورجال ونساء من كل لون تركت الحمامات يطفن وطفت أنا أيضا وقد شدني من الشوق للطواف وتقبيل الحجر الأسود طمعا ً في لحظات من خشوع وسيلا من دموع ورغبة في مغفرة أرجوها يوم الرجوع سمعت أنينهم وشكواهم وقد بللوا سحناتهم تذللا لمولاهم فهذا يطلب مغفره من ذنوب وذاك يرجو فرجاً وقد أكثرت عليه الكروب وتلك رفعت أكفها وقد تعلقت بأستار كعبته أملا في استمطار رحمات رحمته طفت بالبيت سبعاً وعيناي لاتكاد تفارق الحجر الأسود كلما حاذيته دسست نفسي بين الجموع أعلل النفس بالآمال لعلك يانفس تحظين بفرصة لتشمين رائحة الجنه وقد أبقت على أرضه عبيراً من عبيرها الفواح ولكن عللت نفسي بما لاأطيق وسط هذا الزحام وقد وقفت ثلة من رجال طوال وغلاظ شداد تقف لكل من حاول أن يخترقها وأن يصل الى الحجر الاسود دونها عمهم الجهل ببلواه وقد حرموا غيرهم من طيب لقياه وهاهم صفين من الجنود يمشي بينهم جلالة السلطان وقد ترك ملكه وجاء الى حيث جاء المسلمون يطوف ويسعى ويصلي ويتضرع أتممت طوافي وتوجهت الى المسعى فكان أشد زحاماً من صحن المسجد ووجدت مشقة كبيره في الهروله بين الجموع فهذا يقف ليدعوا وذاك يوقفني ويحادثني بلغة لا أعرفها ويشير بيديه هنا وهناك ولا أعلم ماذا يريد كان جوا مشحونا بالدعاء وتلاوة القرآن وحتى التمسح بالجدران نعم التمسح بالجدران ولا أعلم لماذا يتمسحون أهم يتبركون أم يقلدون شخصاً رأوه وربما كان يحك ظهره بالجدار كانت سبعا متعبه ولاغرو حين تسمع أن أحد الرؤساء حينما أسلم جاء الى البيت ليعتمر فلما جاء دور السعي سعى اربعا فتعب وأبى أن يكمل ذاك النسك الا في المره القادمه عندما تكون لياقته البدنيه أفضل رغم شروحات المطوف وتوسلاته خرجت من هذا المكان مارا ببئر زمزم ومتوجها للتحلل من النسك فتذكرت الشيخ محمد ابن صالح ابن عثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعه وقد كان درسه قريبا من هذا المكان جالسا الى كرسيه الطويل والناس وقد تحلقوا يسمعون درسا من هذا العالم الجليل وقد بدأ بشرحه وهذا يسأل والشيخ يجيب ثم يطلب من السائل أن يعيد الاجابه كما سمعها ليتأكد الشيخ من فهمه لها وتعليما لغيره وهكذا حتى ترتفع شمس الصباح فاغرورقت عيناي بالدموع شوقا لتلك الأيام التي أصبحت من الذكرى قابعة في قلبي وما حسبتني سأنساها يوماًً ما أجمل هذا المكان وما أروع تلك المشاعر تعيش لكن كأنك في مكان آخر غير هذه الدنيا تلتقي بأناس من الشرق والغرب جمعهم شوقهم لهذا البيت العتيق تراه هناك يقرأ في مصحف كبير وقد شد الى عينيه نظاره قديمه ورثها عن جده وقد ربطها بمغاط الى أذنيه لا تكاد ترى عينيه من حجم تلك النظاره الكبيره ووجهه الصغير ألفه والفها ربما لسنوات سبعين خلت قبل أن يورثها ابنائه من بعده متبركين بزيارتها للبيت الحرام وبجانبه رجل أظنه من بلاد ما وراء النهرين بقامة كبيره وسحنه صينيه رافعاً اكفه لمولاه وقد أغمض عينيه ليحلق في فضاء واسع ربما لا يصل إليه نظره وقد اعتمر بقبعه مربعه تكاثرت عليها النقوش وعلى عمود قريب تستند تلك العجوز التسعينيه مادة رجليها المتعبتين وهي تدعو بدعاء لا أعلمه ولغة لا أفهمها بصدق وإخلاص وتضرع عجيب وربما جمعت لتلك العمره منذ يوم زفافها وباعت بقراتها طمعا في تلك الزياره وهناك عند برادات للماء طفل يبكي وقد حاولت أمه أن تسقيه من ماء زمزم فوق ما يحتمل راجيه لطفلها البركه بهذا الماء العجيب طافت عيناي بالمكان وقد عدت بالتاريخ الى الوراء قليلا ربما لأربعة عشر قرنا خلت فهنا يجلس عبدالمطلب وسادة قريش وها هو محمد الطفل يجلس قريبا من جده مستندا للكعبه قبل أن يطرد منها ثم يعود فاتحا صلى الله عليه وسلم وأصنام قريش محطمة بين يديه وقد كانت مبثوثه مكرمة هنا وهناك وهناك كان يجلس أبا الحكم رافعا عقيرته بالسباب والشتائم لضعفاء المسلمين وهنا يجمع أبا لهب قريشا ليشن على محمد وأصحابه غارة من غارات الكفر وهناك دار الأرقم وهنا حلف الفضول أحسبني سمعت أصواتهم وأبصرت بريق سيوفهم ورماحهم وقد وقفوا بباب رسول الله وعلياً في فراشه تكاثرت علي الأحداث ففتحت عيناي ورضيت من الغنيمة بالإياب ورفعت أكفي مبتهلا الى مولاي أيضا أن يغفر الذنب ويرفع عنا الكرب وانطلقت إلى خارج البيت الحرام دامعةً عيناي كما كانتا متلفتا للخلف حيث منظر الكعبه الذي يخطف الأنفاس مودعاً من تلك الحمائم المصفقه بأجنحتها فوق مناراته يحدوني الشوق لزيارته مجددا إن كان هناك متسع من حياه وبقية من عٌمر...

ليست هناك تعليقات: