بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 فبراير 2012

العبث على الله محال " ابن الجوزي في صيد الخاطر"

   قد تكرر معناه في هذا الكتاب ، إلا أن إعادته على النفوس مهمة لئلا يغفل عن مثله .
   
ينبغي للمؤمن أن يعلم أن الله سبحانه مالك حكيم لا يعبث ، و هذا العلم يوجب نفي الإعتراض على القدر .
   
و قد لهج خلق بالإعتراض قدحاً في الحكمة ، و ذلك كفر .
   
و أولهم إبليس في قوله : خلقتني من نار و خلقته من طين .
   
و معنى قوله : أن تفضيلك الطين على النار ليس بحكمة
.
   
و قد رأيت من كان فقيهاً دأبه الإعتراض .
   
و هذا لأن المعترض ينظر إلى صورة الفعل ، و لو أن صورة الفعل صدرت من مخلوق مثلنا حسن أن يعترض عليه .
   
فأما من نقصت الأفهام عن مطالعة حكمته ، فإعتراض الناقص الجاهل عليه جنون .
   
فأما إعتراض الخلعاء فدائم ، لأنهم يريدون جريان الأمور على أغراضهم ، فمتى إنكسر لأحدهم إعتراض .
   
و فيهم من يتعدى إلى ذكر الموت فيقول : بنى و نقض .
   
و كان لنا رفيق قرأ القرآن و القراءات و سمع الحديث الكثير ، ثم وقع في الذنوب و عاش أكثر من سبعين سنة ، فلما نزل به الموت ذكر لي انه قال : [ قد ضاقت الدنيا إلا من روحي ] .
   
و من هذا الجنس سمعت شخصاً يقول عند الموت : ربي يظلمني . و هذا كثير .
   
و يكره أن يحكى كلام الخلعاء في جنونهم و إعتراضاتهم الباردة .
   
و لو فهموا أن الدنيا ميدان مسابقة و مارستان صبر ليبين بذلك أثر الخالق ، لما إعترضوا .
   
و الذي طلبوه من السلامة و بلوغ الأغراض أمامهم لو فهموا .
   
فهم كالزور جاري يتلوث بالطين ، فإذا فرغ لبس ثياب النظافة .
   
و لما أريد نقض هذا البدن الذي لا يصلح للبقاء نحيت عنه النفس الشريفة و بني بناء يقبل الدوام .
   
و بعد هذا فقل للمعترض : فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ .
   
قل له : إن إعترض لم يمنع ذلك جريان القدر ، و إن سلم جرى القدر . فلأن يجري و هو مأجور ، خير من أن يجري و هو مأزور
.
   
و ما أحسن سكوت وضاح اليمن لما إختبأ في صندوق ، فقال السلطان : [ أيها الصندوق ، إن كان فيك ما نظن فقد محونا أثرك ] .
   
و إن لم يكن فليس بدفن خشب من جناح .
   
فلو أنه صاح ما إنتفع بشيء ، و لربما أخرج فقتل أقبح قتلة

ليست هناك تعليقات: