بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 فبراير 2012

قصة صلاة الاستسقاء في دمشق


يرويها الشيخ محمد القاسمي المدرس في جامعة أم القرى سابقا

 في أيام الوحدة بين مصر وسوريا ، وبعد بناء السد العالي في مصر ، وفي خطاب حافل جامع موجه للشعبين ، كان من جملة عباراته : (لقد استغنينا الآن عن رحمة السماء) كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، فإن الله عز وجل ليغار على نعمه أن يكفر بها ؛ فكان الجدب ، وانقطاع الماء من السماء ، والصقيع وغور الآبار ، وجفاف الينابيع والأنهار ، وأمحلت الأرض ، ومات الزرع ، وعطشت البهائم ، وهلكت قطعان منها ، حتى أن القرى صار أهلها يُسقون الماء بالصهاريج ، وبُنيت له الخزانات ، وصار الماء يوزع بمقدار .
اجتماع كلمة المسلمين على علمائهم
 قال الشيخ القاسمي :ـ وعندها فكر علماء دمشق بما جُنِيَ به على الأمة في تصريحات غير مسئولة ، بعيدة كل البعد عن روح الإيمان والثقة بالله الكبير المتعال .
 
وبرزت دمشق الفيحاء بأطفالها الرضَّع ، وشيوخها الركع بشيبها وشبابها ، إلى آخر الخط في منطقة المهاجرين ، لتجأر إلى الله I ولتجهش له I بالبكاء .

قال الشيخ القاسمي : وقام العلماء يدعون ويبكون وقام واحد منهم يعتذر إلى الله ويقول (محيناها يارب) أي رجعنا عنها ، يعتذر إلى الله عما أجرم به من قال (إستغنينا عن رحمة السماء) . وخطبَ العلماءُ في ذلك الجمع الحافل . ومن الذين تكلموا يحثون الناس على التوبة والاستغفار ، والرجوع إلى الله وحسن عبادته ، من هؤلاء العلماء
1
ـ العلامة الشيخ : إبراهيم الغلاييني . 
2
ـ والعلامة الشيخ : السيد محمد مكي الكتاني ؛ رئيس رابطة علماء الشام .
2
ـ والعلامة الشيخ : أبي الخير الميداني (رحمهم الله جميعا) وغيرُهُم .

ثم قال الشيخ القاسمي : لقد اصطحبت أطفالي إلى المكان المحدد لإقامة صلاة الاستسقاء ، فمنهم الرضيع وما فوق ذلك بأعمار قد لا تتجاوز الثلاث سنين ، وكذلك الناس فعلوا ...

مشهد رائع من مشاهد

التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله

 هنالك في سفح جبل قاسيون ، المطل على الفيحاء دمشق الشام ، اجتمع الناس من كل حَدَبٍ وصوب . العلماء يدعون ويبكون ، والناس لم يبق منهم أحد إلا وبكى ؛ وهم يجأرون إلى الله عز وجل تتعالى الأصوات في ذلك الفضاء الرحب مع الدعاء بالبكاء من الجميع وتختلط بصراخ الأطفال وبكائهم فيقول العلماء : يارب نحن مذنبون ، فما ذنب هؤلاء الأطفال حتى تأخذهم بجريرتنا . والعلمانيون من فوق الجبل يسخرون ويضحكون .

 
كان هذا الاستسقاء صباح يوم الجمعة ، ومضت أيام والعلمانيون يسخرون منا ويقولون لنا أين ربكم الذي دعوتموه والذي تقولون إنه يجيب الدعاء ، ويأتيكم بالمطر ؟!!... فقلت لهم : إن الله يجيب دعاء المضطر كما يشاء سبحانه ومتى شاء . لا كما نشاء نحن ونريد فسبحانه وتعالى من إله .

ومضت أيام خمس على الدعاء ، وفي ليلة الأربعاء ، أبرقت السماء ، ثم أرعدت رعداً مخيفاً ، وصارت تمطر أرسالاً كالميزاب ، وفاضت الأنهار وامتلأت ساحات البيوت بالماء ، حتى صار الماء يخرج من الأبواب بدلاً من المصارف المعدة لتصريف المياه ، وإن ساحة المرجة الشهيرة في دمشق غمرتها المياه ، وفاض نهر بردى ، وتقطعت بالناس السبل ، وحدثت أزمة من كثرة المياه بالرجوع إلى الله تبار وتعالى بعد أن كانت الأزمة من قلة المياه بسبب إعراض البعض وجرأتهم على الله ..) .

فاضت البركات ، وكان بعد الجدب خيرات كثيرة وعطاء ، وثمر ونماء فوثبة اقتصادية لم تشهد الشام مثلها منذ عقود عدة خلت .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

ليست هناك تعليقات: