بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 يناير 2012

لماذا أمر الله الحجر بالهروب بثوب موسى عليه السلام ولم يامر موسى بنزع ثوبه ؟

يقول الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي في سلسلة (تفسير آيات تأولها الليبراليون) في الشريط الثاني في فترة الاسئلة:

س2= يقول ما السر في أن الله سبحانه أمر الحجر بالهروب بقميص موسى ولم يأمر موسى بنزع اللباس؟

ج2= تقدم أن الله جل وعلا في أمر موسى - وهذا من الأمور العظيمة الجليلة التي يجهل الناس أمر الفطرة فيها - الغرب صعب الخطاب معهم وإيصال رسالة الشرع لأن رسالة الشرع لا يمكن أن تنزل إلا على الفطرة حتى تتوافق مع الفطرة وإلا لا يستوعب ولهذا الغرب بحاجة إلى إرجاعه إلى الفطرة حتى يستوعب النص ويدرك تلك الحقيقة ، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر موسى أن ينزع لباسه وأن يأتي ويجمع بني إسرائيل ثم ينزع لباسه حتى يبرءه الله جل وعلا لماذا؟ لأن هذا ثقيل على الفطرة والانسان إذا نزع مرة ، يستسهل الامر مرة أخرى ، ومرة أخرى ...والعورة إذا رُئيت رئيت مرة، فإذا كانت باختياره زالت هيبتها من الانسان ، ولهذا الغرب حتى في نزعه للفطرة ، في نزعه للباس والتعري الموجود في الغرب لم يكن على هذه الصورة وإنما كان على سبيل التدرج ،والتعري الذي في الغرب لم يكن موجودا قرابة خمسين سنة او ستين سنة ، بل كانت بريطانيا عام 1960مـ تمنع حتى الروايات الجنسية كتابة فضلا عن أنها تشرّع لمسائل التعري وغيره ، بل إن الزنا لم يكن مأذونا به إلا بعد اشتراك نظرهم المادي واكتشاف حبوب الحمل ، وحبوب الحمل اكتشفت في عام 1964 أو1963 ، لما وجد هذا الامر وكانت نظرتهم مادية قالوا إذن الشارع إنما حرم الزنا لأجل الحمل ، وعلى هذا يجوز الزنا لما وجدنا حبوب منع الحمل فانتشر هذا الأمر وأصبح يروج الغرب لهذه الثقافة لدى كثير من المسلمين وهذا ما ينبغي فهمه





وأما ما يتعلق بقصة موسى عليه السلام أن الله جل وعلا غير سنن الكون وجاذبية الارض وأمر الحجر أن يتحرك من مكانه ويذهب بثياب موسى ولم يأمر موسى أن يفعل ذلك، وذلك أن نزع الفطرة عظيم ولا يمكن أن يكون على سبيل الانفراد الا ويتدرج فيه الانسان ولهذا حاط الشارع أمر الفطرة ، وأمر الله جل وعلا الحجر ولم يأمر موسى ليبقى هذا الامر على قوته فلا يُخدش ولا يُخرم ، ولهذا كان الحفاظ على الفطرة من الامور المهمة

وكذلك أيضا ينبغي أن يعلم أن الليبرالية تعمل على أمرين
الاول على تهوين أمر الفطرة وخرمها ، سواء تحت ستار نبذ العادات يقول هذه عادات وينسون أنها فِطر ،ولا أقصد سائر العادات ، مثلا كثير من العادات مما لا حاجة إلى بحثه ، من العادات مما لا ينبغي أن يتمسك بها أو الامر في ذلك سعة

الثاني كذلك أيضا نبذ الدين تارة يتكلمون في أمر الدين وتارة يتكلمون في أمر الفطرة تحت ستار آخر ، لماذا لأنه إذا نزعت الفطرة اختر تركيب فهم النص ولم يكن حينئذ استيعاب وادراك لفهم النص ، لهذا كثير ممن تغلغل في العقليات يرد إليه النص ويعاند ويجد في قلبه قسوة ،والعلة في ذلك أن الفطرة لديه مضطربة ولو كانت الفطرة صحيحة ، لتوافق النص مع الفطرة وقبل ذلك النص ، سواء كان فيما يتعلق بأبواب الحياء أو يتعلق بأبواب مدركات العقل


كذلك أيضا في مسائل الحس ، الفكر الليبرالي يقول : ينبغي على العقل أن لا يخرج عن حدود الطبيعة وحدود المادة ، قالوا ينبغي أن نأتي بالعقل ونضعه في موضع ونجعله مع الطبيعة ، مع الجبال والرياح والشجر ..ويخرج بالنتائج التي يريد لا يؤثر عليه أحد
العقل بإمكانه في ذاته أن يكون قاصرا عن فهم كثير من المعاني ويحكم على نفسه بالجنون ، العقل الذي كان عليه كفار قريش هو نفس العقل الذي كان عليه المعاصرون ، ومن نظر في بعض المعجزات التي كانت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت إعجازا من جهة حقيقتها في ذلك الزمن ومن جهة زمان ليست من امور الاعجاز ، وعلى هذا مسالة الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ، الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند كفار قريش لا يمكن تحليله ماديا ، على هذا كفروا به ، لا يُصدق هذا الامر ، الانسان يذهب في ليلة ثم رجع من بيت المقدس ثم يكون في مكة ، فضلا عن أن يذهب إلى السماء ثم يرجع ، نتكلم عن الذهاب للمسجد الاقصى قالوا لا يمكن هذا جنون
في زمننا هذا لو أن شخصا ينكر أن يذهب الى بيت المقدس ويرجع في نفس الليلة ماذا سيكون ؟ سيكون مجنونا ، من الذي حكم بالجنون في زمن كفار قريش ؟ اليس هو العقل الواحد ، هو العقل ذاته ، إذن العقل نفسه حكم بجنونه في الموضعين ، على هذا ينبغي أن نعلم أن العقل على سبيل الاستقلال لا يمكن أن ينفرد بفهم الحق والصواب
كذلك ينبغي أن يُعلم أن العقل في ذاته يتباين حتى في الجنس المخلوق الواحد ، حتى في الذكر تجد الرجل على سبيل المثال لديه ابن مراهق عمره خمسة عشر أو عشرين أو خمس وعشرين ، يأمره أبوه بشيء فيطيعه على مضض وكره ، ولكنه إذا بلغ الاربعين والخمسين أدرك أن أباه أمره بالصواب ،وإنما أطاع أباه لماذا؟ لأجل حق الاب بالطاعة ، هذا أدركه بعد ذلك ، والأمر الفارق بين الاب وبين الابن هو عمر يسير من السنوات ، إذن ما هو الفارق بين عقل الإنسان وبين الله جل وعلا ، والله سبحانه وتعالى لا يحيطون بشيء من علمه
وكثير من الناس الإشكال ليس في إطلاق عقل الإنسان بالمادة ، الإشكال ان الإنسان جزء يسير رأس الإبرة من المادة ثم يريد أن يحاكم الله في خلقه ، وهذا هو الصراع ، لهذا ينبغي للإنسان أن يكل غير المعلوم لله جل وعلا
كثير من الناس هم أصحاب شهوات وشبهات ممن يتبنى الفكر الليبرالي فيخلط في كثير من الأمور ، فيحاول-مثلا- إدخال الحضارة المادية مع حضارة الأخلاق ومسائل الدين يجعل من يتكلم في أمور الأخلاق أنه مناكف ومنابذ للحضارة الغربية المادية ونحو ذلك ، وهم يعلمون أن أولائك لا يناكفون شيئا من أمور الحضارة المادية وإنما يناكفون التعرض لدين الله جل وعلا ويتعرضون أيضا لأمر الأخلاق ، وما أراد الإنسان أن ينظر في خلط الإنسان في الأمور المدركة الحسية المحسوسة المحسوبة التي يراها ،ويخلط فيها ولا يعرفها ويتناقض مع غيره فكيف بالأمور الغيبية المحجوبة عن الإنسان ان يدرك عللها ولهذا تجد ملايين البشر في المحاكم يتخاصمون على ماذا ؟ يتخاصمون على محسوسات ، مادية أين عقل الإنسان عن معرفة الصواب؟ إذن هو لم يحم نفسه في المحسوس المعلوم فكيف يحمي نفسه في الغيب غير المدرك أن يدركه ثم يريد أن يخاصم الله جل وعلا عليه هذا هو الإشكال أن الإنسان يريد عقله أن يحكم على المادة ن والشرع يقول له احكم بالمادة والغيب أخبرك الله به آمن به وقل {سمعنا وأطعنا} واسع في الأرض بعد ذلك كما تشاء ، هذا هو حد الصراع بيننا وبينهم. انتهى

ليست هناك تعليقات: