بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 يناير 2012

فتنة العوا

بقلم أسامة شحادة -مجلة الراصد (عدد104)
د.محمد سليم العوا من الشخصيات ذات الحضور البارز على الساحة الإسلامية، سواء من خلال كتبه العديدة مثل: في النظام السياسي للدولة الإسلامية، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، أزمة المؤسسة الدينية في مصر، الفقه الإسلامي في طريق التجديد، الإسلاميون والمرأة، للدين والوطن: فصول في علاقة المسلمين بغير المسلمين، دور المقاصد في التشريعات المعاصرة، العلاقة بين السنة والشيعة، الإسلام والعصر، وكتب أخرى بالعربية والإنجليزية.
أو من خلال الأدوار التي يقوم بها، أو المناصب التي يتولاها أو تولاها سابقا، مثل: الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي ـ منظمة المؤتمر الإسلامي، عضو عامل في أكاديمية مؤسسة آل البيت الملكِيّة للفكر الإسلامي، الأردن، رئيس جمعية مصر للثقافة والحوار، عضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بإيران، عضو مؤسس في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، وعضو لجنته الإدارية، وغيرها.
أو من خلال دوره السياسي الجديد كمرشح لمنصب رئاسة الجمهورية المصرية وعضو المجلس الاستشاري.
ورجل كالعوا مكثر في الكتابة والمشاركة ومحاولة التلفيق بين الواقع والإسلام سيكون ذلك مدعاة لأن يقع في أخطاء وخطايا كثيرة، ولذلك قام بعض الفضلاء بالتنبيه على مزالقه وأوهامه في العديد من القضايا المفصلية([1]).
ومن أهم القضايا التي تؤخذ على العوا تأييده المطلق لموضوع التقريب بين السنة والشيعة، والذي بلغ به أن يهاجم الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حين أعلن في سنة 2006، عدم جدوى دعوى التقريب ، فقام العوا برفض موقف القرضاوى وتخطئته في ذلك علناً، ومحاولة استخدام منصبه كأمين عام للاتحاد في مهاجمة القرضاوي رئيس الاتحاد!!
وفي أعقاب تصريحات القرضاوي المحذرة من خطر التبشير الشيعي في مصر خاصة وأفريقيا عامة، قام العوا بإلقاء محاضرة في نقابة الصحفيين المصريين في 6/9/2006، تم تفريغها وطبعها باسم "العلاقة بين الشيعة والسنة" عن دار سفير بالقاهرة، قرر فيها النقاط التالية، بحسب ما جاء في موقع "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين":
1- إن أكثر أهل السنة لا يعرفون عن الشيعة سوى أنهم طائفة تغالي في التشيع مع أن الشيعة يعرفون عن السنة الكثير.
2-أنه عندما يُنسب إلى الناس أقوال أو نريد أن نحاسبهم على آراء فيجب أن نحاسبهم على ما قالوه فقط، دون التطرق إلى النتائج المترتبة على أقوالهم، لأن القاعدة المسلمة أن "ناسب المنهج ليس بمنهج" أي أنني لست المسئول عن كلام قلته وفهمه الناس بأسلوب وشكل خاص بهم.
3- أن التشيع هو مذهب فقهي كسائر المذاهب السنية الأخرى.
4-وبالرغم من أن هناك مقولات تزعم أن الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن ونسب إلى أحد كتب الشيعة ذلك إلا أنه يجب أن نعلم أن هذه المقولة حادثة كما أنها منكرة.
5-منذ 107 أعوام تقريبا، كتب المحدث النوري الطبرسي كتابا بعنوان "فصل الخطاب في تحريف الكتاب" وجمع فيه روايات من كتب الشيعة، وأشار إلى أن تلك الروايات تدل علي تحريف القران. وقبل النوري لم يقل أحد بتحريف القرآن على الإطلاق.
6-وقال أن هذا الكتاب قوبل بانتقادات شديدة من قبل الحوزة العلمية وضجرت بآرائه ولم يقبل الشيعة منذ ذلك الوقت بأن يقال أنه تم تحريف القرآن. وتم التشكيك في كتابه والإشارة إلى أن الروايات التي جمعها مجهولة وضعيفة الرواية وهو ما أكده الخميني الذي اتهم رواياته بالضعف وأنها محشوة بالكثير من الحكايات الهزلية الضعيفة.
7-قال العوا أيضاً إن الاتفاق بين السنة والشيعة يصل إلى نحو 90 % والاختلاف في 10 % وذلك يعتبر نسبة بسيطة، خاصة وأنها في التفاصيل وليست في الأصول.
8-نشأت فرقة سياسية أدت إلى توسيع الفجوة بين المسلمين والشيعة بسبب الأحداث السياسية بعد اندلاع الثورة الإيرانية.
أما أوجه الاختلاف بين السنة والشيعة فيوجزها الدكتور العوا في عدة أمور أهمها ما سمي بـ "عصمة الأئمة" وهو الاعتقاد الشائع لدى الشيعة الإمامية ونحن لا نقبل هذا الاعتقاد لأنه لا عصمة بعد رسول الله، ويؤكد الدكتور العوا أنه وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أن مسألة الإمامة هي من الفروع، ولا ينبغي أن نقحمها في الأصول" .أ. هـ
وهذه الأفكار هي ما دندن عليه العوا طيلة السنوات التالية لهذه المحاضرة في عدة مقالات وتصريحات ومواقف ومقابلات تلفزيونية مع الشيخ وجدي غزاوي على قناة الفجر وآخرها كان مع الشيخ خالد عبدالله على قناة الناس في 1/12/2011.

وسأركز النقاش هنا على ثلاث نقاط:
1- مدى جهل أهل السنة بمذهب الشيعة.
2- الشيعة وتحريف القرآن.
3- الشيعة وتكفير الصحابة.

وقبل أن نبدأ النقاش لا بد أن نتذكر أن العوا محامٍ من الطراز الرفيع(2]) ولذلك هو يمارس ألاعيب المحامين كثيراً في عرض قناعاته وآرائه والتي قد يتوهمها بعض البسطاء حقائق ومسلمات نابعة من الخلفية العلمية والشرعية للعوا!!
1- مدى جهل أهل السنة بمذهب الشيعة:
يقول العوا في كتابه ص7: "ومما يؤسف له أن معرفة كل من الطائفتين.. ليست مما يحقق التعارف المأمور به في القرآن الكريم، وهذا الأمر أظهر عند علماء السنة وعامتهم منه عند علماء الشيعة وعامتهم. يقول الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد في دراسة ماتعة له عن الحوار بين السنة والشيعة: "إن الشيعة يعرفون عن عقائد أهل السنة والجماعة ما لا يعرفه أكثر أهل السنة عن عقائد الشيعة ومذهبهم وآراء علمائهم وعامتهم.. لا يكاد أكثر المثقفين غير المتخصصين من أهل السنة يعرفون عن الشيعة إلا أنهم طائفة أسرفت في التشيع لعلي بن أبى طالب – رضي الله عنه- وترى أنه كان أولى بالخلافة من أبى بكر وعمر.. وأنهم، فوق ذلك، أصحاب بدع يخالفون بها مذهب أهل السنة ويخرج بها المتطرفون منهم عن دائرة الإسلام الصحيح".
والقارئ لفتاوى بعض علماء السنة المعاصرين يجدهم لا يزالون يقولون في الشيعة الإمامية أقوالاً لا تثبت على البحث العلمي، ولا يقوم عليها من كتب أئمة الشيعة وعلمائهم دليل صحيح" أ.هـ كلام العوا.

والملفت في تقرير العوا زعمه أن علماء السنة وعوامهم أقل معرفة بالشيعة من معرفة علماء الشيعة وعوامهم بالسنة وهو كلام عام لا يحدد زماناً أو مكاناً!! كما أنه يسوقه على أنه حقيقة علمية ثبتت بأدوات بحثية رصينة!! وهذا نموذج لاستخدام أدوات المحامي في مقام البحث العلمي!!
وإلا فما هو موقف العوا من كتب الفرق والنِّحل التي قام بها علماء السنة عبر التاريخ؟ فهل هو يجهلها أم لا يعترف بها؟
ثانياً: إذا كان العوا وأبو المجد يعترفان بقصورهما في هذا الباب فعلى أي أساس عمما الحكم؟
قد يصح القول أن كثير من العلماء المصريين من غير السلفيين قليلو البضاعة في معرفة العقائد الشيعية وغير الشيعية لعدم اهتمامهم بهذا الباب، وبسبب عدم وجود تحدٍّ شيعي مباشر لهم، لكننا نجد أن علماء الأحناف وعوامهم في الهند وباكستان مثلا على اطلاع عميق جداً بالتشيع، بل إن الصراع بين الأحناف والشيعة في باكستان يصل – للأسف- لحد تفجير المساجد الشيعية والسنية!!
ولذلك فإن كنت يا عوا ويا أبا المجد من الجهلة بالتشيع فلا تعمما جهلكما على أهل السنة، وإن كنتُ مقتنع تماماً أن العوا لا يجهل حقيقة التشيع بقدر ما يسعى لنشر الجهل بالتشيع لأغراض أرجو أن لا تكون خسيسة كالأموال والعلاقات وما شابه.
أما على الجانب الآخر فما هي علامات معرفة الشيعة بمنهج أهل السنة عند العوا؟
لقد فضحت المناظرات العلنية على القنوات الفضائية (المستقلة، صفا) علماء الشيعة فقد أثبتوا جهلهم بمذهبهم ومذهب أهل السنة، ولذلك أفتوا بحرمة مشاهدة تلك المناظرات بل والقنوات كلها!!
وفي تلك المناظرات كان المناظرون السنة يحتجون على علماء الشيعة بكتبهم التي يتداولونها، فأين الجهل بالتشيع يا عوا؟ إذاً المقصود هو إبطال كل الجهود السنية في التحذير من خطر التشيع بكذبة عامة هي أن هذه الجهود يقوم بها جهلة!! وهذا خبث كبير وخطة ماكرة.
2- الشيعة وتحريف القرآن:
يقول العوا في كتابه ص 22: "كثيراً من علماء أهل السنة، وعامتهم يعتقدون اعتقاداً شبه جازم أن الشيعة الإمامية يعتقدون أن القرآن محرف بالنقص منه. ويستند هذا الاعتقاد إلى أمرين: أولهما: تأليف أحد علماء الشيعة المتأخرين كتاباً ذهب فيه إلى تحريف القرآن وسماه: باسم (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)(3]). ثانيهما: ما ورد من إشارات في بعض كتب الشيعة المعتمدة عن وجود كتاب يسمونه (مصحف فاطمة) تقول هذه الروايات: "إنه ليس في القرآن منه حرف وإنه يبلغ ثلاثة أمثال القرآن". والرواية في "الكافي" عن أبي عبدالله جعفر الصادق: "وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم! قال: إنه لعلم وما هو بذاك"(4])". إ.هـ كلام العوا.
ثم أخذ العوا بعد ذلك يفند تهمة تحريف القرآن عن الشيعة من خلال النقاط التالية:
- منذ صدر كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) والحوزة العلمية الشيعية تقف ضده، وأورد عدة نقول ضد الكتاب تدور على أن الروايات التي جمعها النوري ضعيفة الأسانيد، والجدير بالملاحظة خلوها من البراءة من التحريف أو البراءة من زاعم وقوع التحريف، بل نجد العوا ينقل عن الخميني ص 26، قوله عن النوري: "وهو رحمه الله شخص صالح"!!.
- ليدافع العوا عن تحريف القرآن عند الشيعة زعم أن في كتب الشيعة والسنة نصوصاً توهم أن بعض العبارات التي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يظنونها من القرآن الكريم لم تثبت في النص المتفق على صحته للقرآن، وأن أهل السنة حكموا على ما صح من تلك الروايات بأنها شاذة أو منسوخة حكماً وتلاوة أو تلاوة فقط، ولم يورد أمثلة على ذلك. أما علماء الشيعة فقد اعتبروها من التفسير الذي علمه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، وأورد رواية من الكافي "ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدوش".
- أن مصحف فاطمة هو تفسير.
- أن صادق العلائي وهو من علماء الشيعة في كتابه (إعلام الخلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف) نقل عن 27 إماماً شيعياً أن القرآن كامل لم يحرف.
- أن المصحف المتداول في إيران مثل المصحف الذي في أيدى السنة.

ولنبدأ في مناقشة رؤية العوا في تبرئة الشيعة من قولهم بتحريف القرآن:
* أول نقطة يجب الانتباه لها زعم العوا أن مستند أهل السنة في تقرير أن الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن هو كتاب تافه لشيعي ظهر متأخراً حيث توفي قبل 110 سنوات!!
وهذا نوع من التدليس والدهلسة المكثفة لا يتقنها إلا محامٍ عريق في قاعات المحاكم خاصة مع انتشار فكرة أن المحامي وظيفته تبرئة موكله لا محاكمته!! وإلا فكيف يفسر لنا العوا أن علماء الإسلام قد صرحوا باعتقاد تحريف القرآن عند الشيعة قبل كتاب فصل الخطاب بمئات السنين، مثل الإمام أبي منصور، عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي (ت 429هـ) الذي قال: " وأكفروا - أي أهل السنة - من زعم من الرافضة أن لا حجة اليوم في القرآن والسنة لدعواه أن الصحابة غيروا بعض القرآن وحرفوا بعضه"، والإمام ابن حزم (ت 456 هـ) الذي لم يعتبر الروافض من المسلمين في رده على احتجاج النصارى على تحريف القرآن بدعوى الروافض تحريف القرآن. هل نجد لذلك جوابا عند العوا؟ وهل أمثال هؤلاء الأئمة يلقون الكلام على عواهنه دون برهان؟
* النقطة الثانية: على فرض أن النوري صاحب كتاب فصل الخطاب لا يمثل الشيعة وعقيدتهم، هل يمكن أن يدلنا العوا على موقف الشيعة ممن صنف كتاباً لإثبات تحريف القرآن وهل قاموا بتكفيره، كما فعل هو ذلك، في لقائه مع خالد عبد الله بتكفير من يقول بتحريف القرآن وأن هذا رأي السنة والشيعة في أن من ينكر صحة وكمال هذا القرآن الذي بين أيدينا؟ وما حكم من يبجل ويحترم النوري ولا يكفره رغم معرفته برأيه بتحريف القرآن، هل هذا مقبول شرعاً أم أنه يصبح شريكه في الجريمة والكفر؟ ولماذ أُكرم هذا النوري من قبل الشيعة فدفنوه بجوار قبر علي بن أبي طالب؟
* كتاب فصل الخطاب هل هو أكاذيب اخترعها النوري أم هو قام بجمع الروايات الشيعية في الكتب المعتمدة عندهم؟ أما الزعم بأن هذه روايات ضعيفة لا تصح، فمتى كان الشيعة يعتمدون الروايات الصحيحة في مذهبهم ؟ وإلا فهل يمكن للشيعة أن يدلونا على كتاب لهم جمع الروايات الصحيحة فقط والتي عليها يقيمون مذهبهم؟؟
الشيعة يعترفون بأن مذهبهم لا يبقى له وجود إذا اعتمدوا صحة الأسانيد، قال الحر العاملي: (رئيس الطائفة – أي الشيخ الطوسي - في كتاب (الأخبار) وغيره من علمائنا إلى وقت حدوث الاصطلاح الجديد بل بعده كثيراً ما يطرحون الأحاديث الصحيحة عند المتأخرين ويعملون بأحاديث ضعيفة على اصطلاحهم، فلولا ما ذكرناه لما صدر ذلك منهم عادة، وكثيراً ما يعتمدون على طرق ضعيفة مع تمكنهم من طرق أخرى صحيحة كما صرح به صاحب المنتقى وغيره، وذلك ظاهر في صحة تلك الأحاديث بوجوه أخر من غير اعتبار الأسانيد، ودالُّ على خلاف الاصطلاح الجديد لما يأتي تحقيقه)، (وسائل الشيعة، 20/99).
إن الاحتجاج بأن هذه روايات ضعيفة حجة ساقطة لأنهم يعتمدون على الروايات بغض النظر عن صحتها، وذلك نابع بالأساس من أن غالب رجال الشيعة الذين يروون الأسانيد هم مجاهيل كما صرح بذلك الخوئي في معجم رجال الشيعة.
* الروايات التي جمعها النوري جمعها من الأصول المعتمدة عند الشيعة، فإن كانت الأصول الشيعية تتبنى الكفر فلماذا لا يتبرأ الشيعة منها إن كانوا صادقين؟
* نقل النوري إجماع الشيعة على التحريف إلا أربعة، فلماذا لا نجد من ينكر إجماع الشيعة على ذلك من المتقدمين؟ أم أن العوا أعلم من الشيعة بمذهبهم؟
* اعترف العوا في مقابلته مع قناة الناس أنه يعلم أن الشيعة يؤمنون ويمارسون التقية وهي إظهار خلاف ما يؤمنون به، ولكنه أصر على أنه ينفي تحريف القرآن عن الشيعة كلهم من خلال من قابلهم من علماء الشيعة المعاصرين، فكيف يقبل هذا المحامى العريق أن ينفي بعض المعاصرين عن مذهب عمره أكثر من 13 قرنا، وله مؤلفاته المشهورة مسلماته؟ ولماذا لا يكون ما ذكروه تقية؟! ونقول للعوا إن هذا تلاعب معيب منك.
* من نصدق: العوا المتلاعب والمتعاطف مع الشيعة والمتهم بوجود مصالح مادية له مع الشيعة وإيران، أم ما يقوله علماء الشيعة ودعاتهم صبح مساء بالصوت والصورة على الفضائيات، ولذلك حين سأله خالد عبدالله عمّا تذيعه الفضائيات الشيعية قال العوا: "دي حاجة تاني"، وتجاوز الموضوع ولم يتابعه المقدم الشيخ خالد عبدالله وعلى غير عادته فقد كان في قمة التساهل مع العوا هذه المرة رغم أنه في مرات سابقة ناقش فيها فتنة العوا بالشيعة كان أكثر نضجاً ووعياً!!
إذا كان الشيعة يرفضون تحريف القرآن ويكفّرون من يعتقده فلماذا تطفح قنواتهم بمن يقرأ الآيات المحرفة زيادةً ونقصاً وهي قنوات تتبع للمرجعيات ولا نجد نكيراً أو تكفيراً لمن يقوم بذلك؟؟ أليست الأفعال المعلنة أقوى دواعي الإثبات أيها المحامي؟؟
* اعتقاد الشيعة بتحريف القرآن قضية ثابتة بمئات الأدلة والشواهد قديما وحديثاً، وكون من قابلهم العوا لم يصرحوا له لا يصلح لتبرئة الشيعة خاصة مع رجل يعلم أنهم يبطنون ما لا يعلنون، وكون الشيعة يطبعون نصف المصحف الذي عندنا هذه حجة متهافتة، لأن الشيعة لا يهتمون بالقرآن أصلاً فليس هو ضمن مناهج الحوزات الشيعية ولا مراجعهم الكبار يحسنون قراءته فضلاً عن حفظه وعامتهم قد تموت ولم تمسك مصحفاً، ورغم جمال أصوات منشدي الشيعة في لطمياتهم، إلاّ أننا لا نجد منهم قارئاً معروفاً للقرآن، وقنواتهم لا تهتم ببث تلاوة القرآن ضمن برامجها.
* من تلاعب العوا الذي يكشف عن سوء في النية أو سذاجة لدرجة البله أنه يستشهد بكتاب "إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف" لأبي عمر صادق العلائي، على أن الشيعة تبرؤوا من كتاب فصل الخطاب، والعلائي شيعي متطرف ألف كتابه هذا لإثبات فرية اعتقاد أهل السنة بتحريف القرآن!!
حيث يقول في ختام بدايته ص 133: "هل انفرد الشيعة الإمامية بوجود بضع نفر قالوا بتحريف القرآن؟ ولكي نجيب على هذا السؤال وتتضح الحقيقة، آثرنا أن نعقد الأبحاث الآتية التي نخلص منها إلى أن الأحرى والأجدر هو نسبة التحريف لمذهب أهل السنة بمبانيهم ورواياتـهم التي اعتمدوها وتبنوها وساروا عليها".
والغريب أن العوا يضع في هامش كتابه رابط كتاب العلائي على شبكة الإنترنت، فلماذا؟ فهل هو لم يقرأه وإنما مررت له المعلومة؟ أم أنه طالع الكتاب وأغمض عينيه ؟؟
ولا يحتاج القارىء مزيد تفكر حتى يعرف المؤلف ومنهجه بل يكفيه أن يطالع الفهرس ليجد العناوين التالية:
- تحريف القرآن الصريح عند أهل السنة!!
- أعلام أهل السنة قالوا بتحريف القرآن!!
- اعترافات علماء أهل السنة بأن أكابر الصحابة والتابعين من كان يدين الله بتحريف القرآن!!
والأعجب من هذا أن العلائي يثبت أن بعض الشيعة قالوا بالتحريف لكنه يعود ليزعم أن تكفير القائل بالتحريف لا يصح، لأنه ليس معلوماً من الدين بالضرورة!! بل هناك شبهات قوية قامت على القول بالتحريف!! هذا هو العلائي الذي يستشهد به العوا!!

ويبقى السؤال المهم الآن: إذا كان العوا يقبل نقولات العلائي في تبرئة الشيعة من تحريف القرآن فهل يقبل نقولاته المزعومة في تحريف أهل السنة للقرآن؟؟ وإذا لم يقبل فبأي حجة تقبل البعض وترفض الآخر؟؟ إما أن يصدق في الجهتين وتقع في مصيبة القول بتحريف أهل السنة للقرآن أو تكذبه في الجهتين فلزمك الاعتراف بتحريف الشيعة للقرآن؟ وننتظر جوابك.
* العلة في العوا أنه يحاول نزع الموضوع من مناقشة مذهب له أعلامه وكتبه القديمة والمعاصرة، ليحصر القضية أنه لم يسمع ممن جلس معهم القول بالتحريف، رغم علمه أنهم يتدينون بالتقية ورغم علمه أنهم يبجلون الكتب التي تنقل روايات التحريف وتجعله من أصول مذهبهم وتبجل أصحابها، ورغم علمه بوجود مئات المقاطع المصورة لدعاة الشيعة وهم يقرون بالتحريف عبر قراءة آيات محرفة، ورغم علمه أن جميع ذلك يجري برضى وموافقة المراجع المعاصرين الذين يزعم هو أنهم لا يوافقون في حين أنهم يدعمون هذه الفضائيات والمؤسسات والشخصيات التي تصرح بالتحريف، فهل هذا ينطلي على محامٍ ومُحكم دولي؟؟ أليس وراء الأكمة ما وراءها!!
3- الشيعة وتكفير الصحابة:
يزعم العوا في كتابه أن "سب الصحابة عن الشيعة مسلك وليس عقيدة،.. ولا شك أن هذا المسلك نتيجة من نتائج التعصب المذموم" ص 44، دون أن يقدم أي برهان أودليل على ذلك، ومن ثم يصدر حكمه على من يسب الصحابة بقوله: "نحن نخطئ من يسب الصحابة.. وننسبه إلى سوء الأدب مع خير القرون.. والسب أمر جلل يدخل أصحابه في فسق التأويل وإن كانت الشبهات التي تقوم في ظنهم تبعدهم عن دائرة الكفر" ص 45.
وكرر ذلك في مقابلته مع قناة الفجر حيث زعم أن علماء الشيعة يصرحون بكتبهم برفض سب الصحابة، ونسأل فمن أين جاء السب عند الشيعة، ولا نريد أن نناقش العوا بما يقول لأنه قول لا يستحق المناقشة.
واستشهد العوا بمحمد حسين فضل الله، ومعلوم أن هناك قطاعاً من الشيعة يكفرون فضل الله لأنه يقول أن حادثة ضرب الفارق عمر لفاطمة فيها انتقاص لعلي رضي الله عنهم، ولذلك الاستشهاد به لا يلزم الشيعة المعاصرين فضلا عن القدماء!!

لكن العوا وعد بإرسال رسالة لحسن نصر الله حول موقفه من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولا ندري هل كتب العوا هذه الرسالة أم لا؟ وأصبح العوا الآن مطالباً بالإفصاح هل أرسل الرسالة أم لا؟ فإن أرسلها فهل تلقى جوابا؟ وما هو؟ ولماذا لم يعلنه هو أو حسن نصر الله؟ وإن لم يرسل الرسالة فلماذا؟؟؟

وزعم العوا أن سب الصحابة قد "بدأ يتغير" ولجأ إلى الاستشهاد بكلام للقرضاوي قديم في كتابه (مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب الإسلامية) والذي صدر سنة 2005، وكأنه يريد إرسال رسالة غير مباشرة أن القرضاوي متناقض أو متلاعب في موقفه من الشيعة!!
ثم لجأ العوا بدهاء (خبيث) إلى الدفاع عن مصيبة شيعية كبرى تجاه تكفير وسبّ الصحابة وهي ما أفرد له علامة الشيعة الكبير المجلسي من تخصيص عدة مجلدات من كتابه (بحار الأنوار) لروايات تكفير وسب والصحابة، فماذا صنع العوا؟
زعم أن محتويات هذه المجلدات سبٌّ وليس تكفيراً!! وأن الشيعة اليوم لا يطبعون هذه المجلدات الثلاثة حرصاً منهم على وأد الفتنة!!
ورغم أن العوا أشار إلى أن هذه المجلدات المحذوفة موجودة في مصر لدى المفتي د.علي جمعة، ومع هذا لم يكلف نفسه عناء النظر فيها!!
ولو فعل لوجد نفسه مع الحقيقة في عقيدة الشيعة في تكفير الصحابة وخاصة الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم، فمن عناوين أبواب هذه المجلدات التي تصرح بالتكفير أكتفي بـ:
- باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم.
- باب ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم.
- باب ما ورد في جميع الغاصبين والمرتدين مجملاً.
أما بقية الأبواب فهي طعن في دينهم وأمانتهم وسبهم ولعنهم للصحابة الذين شهد الله لهم بالإيمان؟؟
ولذلك نسأل العوا: ما رأيه في المجلسي الذي صنف هذا الكتاب؟ وقد صرح العوا في لقائه على قناتي الفجر والناس بكفر من يكفر الصحابة؟ وما رأي العوا فيمن يعتمد على المجلسي من مراجع الشيعة المعاصرين ولا يتبرأ منه؟؟
وهل يصح لمحامٍ (ذكي) أن يقبل كلاماً مجملاً من أناس يؤمنون بالتقية يزعمون أنهم لا يكفرون الصحابة ثم يعتمدون كتباً وروايات ومؤلفين يكفرون الصحابة؟؟
وهل يقبل من هذا المحامي (الذكي) الذي يود الترشح لرئاسة مصر أن يقبل سكوت مراجع الشيعة المعاصرين على مئات الدعاة والخطباء الذين يظهرون على قنوات ومواقع يملكها المراجع الشيعة والدولة الإيرانية لا همّ لهم إلا تكفير الصحابة، ثم يزعم أن الشيعة المعاصرين لا يكفرون الصحابة؟؟
أين هي البراءة الصحيحة الصريحة (بحكم خبرتك القانونية) من جريمة ياسر الحبيب ومؤيديه، إن كنت صادقاً؟؟
وأخيرا لماذا يتجاهل العوا تقرير صديقه د.محمد عمارة والذي أصدره الأزهر حول كتاب (فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب، ويليه رسالة شهادة الأثر على إيمان قاتل عمر) والذي وزعه الشيعة في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة سنة 2008، ليعرف حقيقة موقف الشيعة من الصحابة؟؟
الخاتمة:
إن موقف العوا القائم على الدفاع المستميت عن الشيعة بطرق ملتوية ومخادعة اعتاد عليها المحامون حين يدافعون عن القضايا الخاسرة، هو أمر معيب وغير مقبول في البحث العلمي ولا يتناسب مع منزلة العوا العلمية، والحقيقة أنني لا أستطيع تقبل أن العوا فعل ذلك عن جهل وأنه جاهل بالتشيع أو تقبل أن الشيعة استطاعوا خداع شخص مثله يشغل منصب نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين وعضو مجامع علمية وخبير قانوني كبير!!
وإذا أراد العوا أن يقنعنا بصواب موقفه في تبرئة الشيعة من تحريف القرآن وتكفير الصحابة فعليه تقديم الأدلة الموضوعية الثابتة وهي:
براءة مراجع ومؤسسات الشيعة العلنية الصريحة منها ومن العلماء الذين قالوا بها والكتب التي سطرتها، وإزالة أسمائهم عن الشوارع والمباني العامة، إذ لا يمكن البراءة منهم وبقاء تعظيمهم وتكريمهم بتلك الطريقة، فإن فعلوا ذلك وإلا كانت كل تلك المزاعم نوعا من التقية والخداع الذي يتدينون به ويتعبدون به!!
وتطبيق مقتضى هذه البراءة فعليا في مناهجهم التعليمية والإعلامية بتمجيد الصحابة وإشاعة سيرتهم الزكية.
ولذلك فإن أخشى ما أخشاه من دفاع العوا المريب عن الشيعة اليوم أن يصبح منهجاً له لو وصل سدة السلطة في مصر كونه من المرشحين لرئاسة الدولة، مما يجعل من وصوله لرئاسة مصر يشكل وضعا خطير على توجهات مصر العليا خصوصاً والمنطقة العربية عموماً في ظل علاقته المميزة بالشيعة وإيران من جهة ومن جهة مطامع إيران المعلنة بالتوسع والانتشار.

[1] - راجع: * نظرات شرعية في فكر منحرف، الجزء السادس، للشيخ سليمان الخراشي.
* العصريون معتزلة اليوم، يوسف كمال.
* الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية، د. مفرح القوسي.
* حقوق الإنسان في الفكر السياسي الغربي والشرع الإسلامي، د. محمد مفتي، ود. سامي الوكيل.
[2] - لقد قام العوا بالدفاع عن خلية حزب الله في مصر، وسرت شائعات أن حزب الله دفع له عدة ملايين على ذلك!! وكان المحامي منتصر الزيات قد سبقه بالترافع عن هذه الخلية.

[3] - هو المحدث حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، الشهير بالمحدث النوري، المتوفى سنة 1320هـ. (الهامش من كتاب العوا).

[4] - الكافي، دار الكتب الإسلامية، بيروت، د.ن، ج1 ص239 ح1. (الهامش من كتاب العوا).

ليست هناك تعليقات: